
حكايات السيرة
يارا عبيدالحكاية الأولى: النتيجة المتكلمة
عندي نتيجة للسنة الهجرية، لكنها ليست كأي نتيجة عادية، ففي كل يوم سعيد، تبشرني النتيجة وتحدثني قائلة:
صديقتي ... صديقتي
اليوم يوم سعيد
فأسالها لماذا يا نتيجتي؟!
فتحدثني بما حدث ..
ويأتي لي ذلك اليوم من الزمن البعيد مسرورًا يشرح لي كل ما حدث فيه … وفي فجر أحد أيام الاثنين، من شهر ربيع الأول استيقظت على شيء عجيب، فقد كانت نتيجتي تُغَنِّي وتقول:
مِثل اليوم ولد الرسول … في شهر ربيع الأنور… في يوم الاثنين … ولد خير البشر … ورحمة الكونين ...
استيقظت وأنا أقول لنفسي ... من أين يأتي هذا الصوت يا تُرى؟! من الذي يغني؟! فالحاسوب مغلق وكذلك الهاتف المحمول؟! … أنرت نور الغرفة فإذا بي أجد النتيجة تبتسم ومازالت تغني وتقول:
مثل اليوم … في يوم الاثنين ... وُلد الرسول ... وُلد الحبيب ... فأضاء كل الكون ... ولد رسول الله ... في شهر ربيع الأنور... فيا سعدي أنا … يوم الاثنين...
أخذت أنظر إلى النتيجة بتعجب، فإذا بها تحدثني قائلة:
لا تتعجبي يا صديقتي حبيبة ... فأنا يوم الاثنين السعيد، فيه حدث المولد المجيد … تعالي هنا لأحكي لك ما حدث يوم ميلاد الحبيب ...
فبينما تشرق شمسي، وفي فجر يومي يوم الاثنين إذ بي أرى نورًا أضاء كل الكون، وأرى النور يخرج من أرض مكة، فنظرت وناديت صديقي القلم، وسألته: ماذا يحدث يا قَلَم؟! … ألا تعلم كل شيء وتسجله في كل يوم؟
ابتسم صديقي القلم وهو يكتب في الأوراق ويقول: يا يوم الاثنين أبشر، فاليوم أسعد يوم على البشر، انظر لمكة ترَ بنفسك! وأخذ صديقي القلم يكتب في الأوراق، وأخذت أنظر لأرض مكة، فإذا بي أرى نورًا يخرج من بيت من بيوتها، فدققت النظر، فإذا به بيت عبد الله بن عبد المطلب الذي قد مات منذ شهور، ورأيت حزن أهل بيته عليه، وإذا زوجته الآن تلد، يا الله ما أجمله … طفل جميل ذكر لم أر أجمل منه قط! يا الله، يا تري من يكون الرضيع … والله إنه أخذ كل الجمال ...
نظر إلى صديقه القلم قائلًا:
ألا تعرفه؟! إنه رسول الله؛ سيدنا محمد النبي الذي سيبعثه الله هدى ورحمة للعالمين،
يا قلم كيف عرفته؟ ابتسم القلم وقال: عرفته من الكتب المقدسة، فأنا قارئ جيد يا صديقي،
ففي كتب الرسل السابقين بَشَّر المرسلون كسيدنا عيسى بن مريم وسيدنا موسى قومهم بنبي آخر الزمان، وقد رأيت كل العلامات فيه، وفي فجر اليوم وُلد فيا سعدك يا يوم الاثنين … انظر يا أيها القلم … لقد انطفأت نار فارس وهم قوم لا يعبدون الله عز وجل، وهذه النار لم تنطفئ من زمان طويل، وانظر واكتب أن هذا قصرًا من قصور كسرى ملك بلاد فارس، إنه يتصدع أيضًا، يا الله ترى ما معنى ذلك أيها القلم؟!
معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وُلد فهذه كلها إشارات لحدوث هذا الأمر العظيم ...
ابتسمتُ سعيدًا، وأخذت أقول يا سعدي فاليوم وُلد حبيبي رسول الله، وأخذت أنظر إليه، وأرى جده سيدنا عبد المطلب وهو يحمله ويخرج به إلى الكعبة ويقول في البيت الحرام أمام الكعبة أنه سماه محمدًا، ليكون محمودًا في السماء والأرض، لحظة ما قالها نزلت دموعي فرحًا وبكيت وقلت للقلم صديقي: محمدًا وأحمدَ ومحمودًا ورسولَ الله وحبيبَ الله، فرأيت الورق يقول أيضًا وصفي الله وخليل الله ونبي الله، دمعت عيوني فرحًا، في آخر النهار وقبل أن أذهب لآتي في أسبوع جديد تعاهدت أنا وباقي الأيام أن نخبر بعضُنا البعض كل يوم وندون ما حدث في حياة حبيب الله وحبيبنا سيدنا محمد بن عبد الله.
وجاء موعد يوم الثلاثاء ووجدته يدون في الأوراق ويقول، يا سعدي حين نظرت للرسول، ورأيته بعد أن وضعته أمه بيوم، يا فرحي أن نظرت إليه، فلما سألته ماذا رأيت؟!
دمعت عيناه قائلًا: رأيته فسعدت وتمنيت أني عنه ما بعدت، رأيته فوددت لو لم أودعه ولا غربت شمسي عنه أبدًا، فإذا بباقي الأيام تقول في صوت واحد: كلنا مثلك، والله وددنا لو عنه ما بعدنا … وتوالت الأيام، وكلما مر يوم وآخر دونَّا نحن الأيام، ما كان وما سيكون في حياة خير الأنام، وهنا وجدتني أقول لصديقتي النتيجة المتكلمة: يا الله، ما أسعدكم يا أيام الله، أن شاهدتهم رسول الله، أرجو منكم أن تحكوا لي ماذا حدث بعد ميلاد الحبيب … وكل ما حدث في حياته عليه الصلاة والسلام … ابتسم يوم الاثنين قائلًا: نعدك يا حبيبة، فأنتِ من أمة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وحقك علينا أن نُعَرفك على سيرته العطرة.