السنة الرابعة ذو الحجة 1445 هـ - يونية 2024 م


يارا عبيد
حكايات السيرة (4)
يارا عبيد

السيف المأثور

اسمي المأثور، وأنا المفضل والموروث من أبي الرسول

أما صفتي فسيف الرسول

نعم .. نعم حارب بي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المشركين

ونصره الله في يوم بدر نصرًا عظيمًا

هيا معي لأحكي لكم وأقول، عن أول غزوة في الإسلام وعن نصر يوم بدر المهول.

أنا المأثور سيف ورثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أبيه عبد الله، وذهب بي إلى المدينة المنورة في الهجرة المشرفة، شاهدت إسلام المسلمين في مكة وبعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ورأيت كيف آذى المشركون في مكة المسلمين.

حتى إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بالهجرة فهاجرت معهم، ومع الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة.

فرحت بهجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبقربي منه وأنا سيفه المأثور

وبعد مدة جاء وقتي، وسعد حظي

فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إحدى الأيام وجدته يخرجني من مكاني، فعلمت أن جاء أواني وسمعت الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم ورأيته يأمر المسلمين بمحاربة المشركين ويقول أن الله عز وجل أنزل عليه آيات تأمره بقتالهم

سمع المسلمون كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وردوا على الحبيب قائلين:

لن نقول لك مثل قوم موسي عندما قالوا له اذهب أنت وربك فاقاتلا إنا ها هنا قاعدون

بل سنقول اذهب أنت وربك  فقاتلا إنا معكما مقاتلون

سعد رسول الله باستجابة المسلمين، ودعا لهم

تجهز المسلمون وجهزوا سيوفهم وخيولهم

وخرجوا لقتال المشركين، أخذني رسول الله ووضعني معه

لحظتها سعدت كما لم أسعد من قبل

لأني أحسست أني قريب من حبيب الله ورسوله، وأنه سيستخدمني في حرب المشركين

وجدتني أنشد وأقول:

سعد حظ المأثور *** من مثله سيف الرسول

سعد حظي أنا *** فبي سيحارب ويصول

أخذت أغني مع باقي السيوف الأخرى في جيش المسلمين، كنت أسمع غناءها معي وهي تقول:

سعد حظنا فاليوم يومنا *** رسول الله وصحبه سيحاربون بنا

أخذنا ننشد، حتى وصلنا مع الجيش إلى بدر

وهناك نزل الجيش وباتوا ليلتهم وأنزل الله عليهم النعاس والأمن فناموا نومًا عميقًا

في ليلة المعركة سمعت حبيبي سيدنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم يدعوا الله ويقول:

اللهم إن تهلك هذه العصبة لا تُعبد في الأرض

اللهم أنجز لي ما وعدتني

في الصباح يوم المعركة وكان يوم الجمعة في رمضان، صفَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صفوف الجيش، وعرف كل صحابي دوره، أما نحن السيوف فقد عرفنا أيضا دورنا فبنا سيحارب رسول الله وأصحابه من يؤذونهم ولا يريدون أن ينتشر الإسلام ولا أن يُعبد الله في الأرض.

بدأت المعركة، وأشتد القتال، نزلت الملائكة معهم سيدنا جبريل عليه السلام أمين الوحي

وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  الصحابة بنزوله والملائكة ليحاربوا معهم

فرح المسلمون وكبروا قائلين: الله أكبر... الله أكبر … الله أكبر

والخيول صهلت فرحة

أما نحن السيوف فمن سعادتنا اشتد قتالنا وعلا صوتنا في يد الصحابة

كبّر المسلمون، معلنين انتصارهم في نهاية المعركة، بعد أن هزموا المشركين

وبينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس مع أصحابه إذا بشابين، يأتيان إليه يركضان

أحدهما يسمى معاذ والآخر معوذ، سمعت كلًّا منهما يقول:

لقد قتلت عدو الله، والآخر فرح أيضا يقول: لقد قتلت أبا جهل عدو الله

نظر رسول الله لسيف كلٍّ منهما، فوجدهما يقطران دمًا، فعلم أن كلاهما قتله

فقال لهما كلاكما قتله، وسعد بهما لنصرتهما لله رسوله

سعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشكر ربه على نصر يوم بدر، وفرح المسلمون وحمدوا الله أن نصرهم وأعز بهم دين الإسلام

وسعدتُ أني كنت السيف المأثور الذي حارب به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

وكانت أول غزوة للمسلمين، فحمدًا لله الذي نصر حبيبه يوم بدر، وحمدًا لله على نعمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وفرحة النصر والاستخدام.