
حكايات السيرة (5) عندما حزن جبل أحد
يارا عبيدفي ذاكرة كل منا ذكريات بعضها جميل وبعضها محزن لكن لمَ يا تُرى قد نرى الحزن في حياتنا ولو أحيانًا قليلة؟!
بهذا السؤال سألت فرحة معلمتها عبير
ابتسمت المعلمة عبير قائلة: يا فرحة لكي نتعلم؛ ولكي نعرف قيمة النعم؛ سأحكي لكِ اليوم يا فرحة ولزملائك قصة قد يراها البعض حزينة، وذلك أيضًا صحيح، لكنها قصة نتعلم منها، ونعرف لما نحزن أحيانًا، ولما نتألم أحيانًا أيضًا.
في إحدى الأيام في المدينة المنورة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ومازال يعيش بيننا حبيب من أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيبنا وحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سنتحدث عنه اليوم هو جبل أحد
فرحة بذهول: جبل؟
المعلمة: نعم يا فرحة جبل؛ فأحد جبل يحبنا ونحبه هكذا قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا فرح أحد يوم سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه سيطير من الفرح حتى أنه كان يهتز عندما يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه من شدة حبه وتعلقه بالحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
أما لمَ قد يحزن أحد؟!
فأحد حزن لحزن المسلمين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غزوة أحد فبعد غزوة بدر وانتصار المسلمين وفرحتهم بالنصر اغتاظ الكفار وأخذوا يتجهزون على فورهم لمحاربة المسلمين وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم انتقامًا وثأرًا لهم، وفعلًا علم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجهز بجيش من المسلمين وخرجوا عند جبل أحد خارج المدينة المنورة لمحاربة جيش المشركين الذي كان أكثر منهم في العدد
فرحة: وهل انتصر المسلمون كيوم بدر؟؟
المعلمة: بدأت المعركة يا فرحة وكان القتال شديدًا وكان الرماة فوق أحد يرمون المشركين بالسهام فيقتلونهم ويحمون المسلمين من أعلى الجبل، هكذا أمرهم رسول الله وشدد عليهم ألا ينزلوا حتى لو انتصر المسلمون، وأن يبقوا في أماكنهم، لكن الرماة عندما رأوا المسلمين ينتصرون فعلًا ولهم الغلبة على جيش المشركين، نزلوا مسرعين ولم يبقَ إلا أقل القليل منهم على الجبل.
فرحة حزينة: نسوا كلام رسول الله؟
المعلمة: نعم يا فرحة لم يستمعوا لما قال لهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنا رأى جيش المشركين ما حدث ونزول المسلمين من على جبل أحد فالتفوا راجعين وقاتلوا مرة أخرى بعد انتهاء المعركة، وهنا يا فرحة استشهد كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعم أحد المشركين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قُتل فاهتز بعض المسلمين.
فرحة: وهل أصاب سيدنا النبي شيء؟!
المعلمة: أصيب الحبيب، وانتهت المعركة بهزيمة المسلمين، واستشهد عم رسول الله أسد الله سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه؛ فكان يومًا حزينًا على المسلمين.
فرحة: يا الله، فلماذا كتب عليهم الحزن؟!
المعلمة: قدر الله وقد أنزل الله سبحانه وتعالى قرآنًا وآيةً كريمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ( 139 ) إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ( 140 )) صدق الله العظيم.
فالله عز وجل واسى رسوله والمسلمين في كتابه قائلًا لهم لا تحزنوا وأنتم مؤمنون إن أصابكم حزن وألم؛ فقد أصاب المشركين من قبل هزيمة منكم.
فرحة: صدق الله العظيم.
وهكذا يا فرحة شهد أحد أفراحًا وأحزانًا أيضًا، هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون.
وهكذا الدنيا يا بُنيَّتي، لا تبقى على حزن فقط ولا على سعاده فقط.
فرحة: وأين السعادة الدائمة؟
المعلمة عبير: في الرضا بقدر الله، وطاعة الله، وفي الجنة أيضًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.