السنة الأولى ربيع الأنور 1443 هـ - أكتوبر 2021 م


الشيخ. أيمن حمدي الأكبري
حقيقة
الشيخ. أيمن حمدي الأكبري

الشمسُ في فَلَكِ العلاءِ تجولُ

وعلى الحقيقةِ ما اعتراها أفولُ

وحقيقةُ الإشراقِ حَقٌّ لم يَزَلْ

والظِّلُّ خَلْفٌ والضياءُ دليلُ

والليلُ سِتْرٌ والنجومُ لمُهتدٍ

كالشمس فانظر للصدوقِ يقولُ

أما الغروبُ فهيئةٌ عَرَضَتْ لنا

وبَدَتْ مَعَ سَيْرِ الذلولِ فصولُ

فالشمسُ في حَمَلِ البروجِ ربيعها

فترى النهارَ مع المسيرِ يطولُ

وعلى شهورِ الشمسِ ذلك وعدُها

مهما يدورُ الدورُ ليس يحُولُ

فالاعتدال بدا بسعدِ الأخبية

وسوى الربيعِ مِن الفصولِ عليلُ

هذا ربيع الأرض بالشمس التي

جاءت على الظلِّ الظليلِ دليلُ

فافهم فديتُك مِن مقالةِ شيخِنا:

إنَّ الزمانَ هو المكانُ يسيلُ

أنَّ الزمانَ على الحقيقةِ نِسبَةٌ

وكذا الربيعُ على الحبيبِ دليلُ

في دورةٍ قمريَّةٍ مِن سرِّها

أنَّ الربيعَ مع الفصولِ يجولُ

بل سِرُّ مولدِ خاتَمِ الرُسْلِ انطوى

في كُلِّ يومٍ فالزمانُ جميلُ

فانظر لرمزي إذ عشقتُ مُحَمَّدا

يأتيك في حُلَلِ البيانِ قبولُ

الحمدُ للهِ، وبعد

فالربيعُ ربيعان؛ ربيعُ فصولٍ شمسيةٍ طَبْعُهُ الاعتدال، وربيعُ شهورٍ قمريَّةٍ اختُص بمولدِ من حاز الكمال، صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آلِهِ وورثته من فحول الرجال.

قال تعالى: وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين.

فكان ظهوره صلى الله عليه وآله وسلم أجَل نعمةٍ بعد نعمة إخراجنا مِن ظُلمةِ العدمِ إلى نورِ الوجودِ بأنفاسِ الرحمن، وإن شئتَ قُلتَ إن إرسالَه تتمة نعمةِ الرحمةِ، فهي نعمةٌ واحدةٌ وإن بدت نعمتان.

قال تعالى: قال ربنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى.

فحق لنا أن نحتفل بنبي الهدى كل ساعةٍ لا كل عام، ولما لم يتيسر ذلك لأكثر المسلمين جعلوا يوم مولده صلى الله عليه واله وسلم عيدا، والعيد لغةً كل يوم يُحتفل فيه بحدثٍ عزيزٍ أو دينيٍّ، فكان مولده من أعظم الأحداث الدينية.

وعادة العوام في الأعياد الفرح والتوسعة على الأهل في المأكل والمشرب والملبس، ويزيد الخواص عليهم بالتذكير بأيام الله. فواجب كل ولي أمرٍ أن يُعرف من هم في ولايته بشخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصفاته، وأخلاقه، ودعوته، فإن استوفوا تلك المعارف طلبوا معرفة حقيقته صلى الله عليه واله وسلم، ومعنى قوله كنت نبيا وادم بين الماء والطين، وكيف أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجسام، وانه تعالى كما رتب خلق الأجسام، فأخَّر خلق الإنسان عن سائر الحيوان لتمام البنيان، وخلق آدم بيديه فكان أبو البشر، وأول الأنبياء، وجعل سيدنا محمدٍ أكمل الخلق وخاتم الأنبياء، كذلك رتب في عالم أمره خلق الأرواح، فبدأ بما شاء أن يختم به، فكان روح سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم أول الأرواح لكمال الدور، فليس أكمل في الأشكال من الدائرة. فناسب العيد هذه السنة الإلهية الكونية، فالعيد عود، أي إعادة، وفي هذا الشهر المبارك نحتفل بمولده صلى الله عليه وآله وسلم، وتلك سُنَّةٌ حسنةٌ تحفظها الأمة الإسلامية، وإن كان لمثلي أن يشارك في الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ساهم أكابر العلماء بالتعريف به والاحتفاء، فلتكن مشاركتي بقصيدة كنت قد كتبتها في حقيقته صلى الله عليه واله وسلم، ثم سألني بعض من لا يسعني إلا إجابة سؤله أن أشرح بعض معانيها ففعلت ذلك على استحياء، فقلت:

لمَّا تعاظَمَ منطقُ الزُّمناءِ

 

وتفاخرَ الأقوامُ بالأدواءِ

 

وجَنى الشريعةِ ما دنا متدلياً

 

 

إلَّا لطائفةٍ مِنَ الأُمناءِ

 

وتوَهَّمَ الصبيانُ أنَّ طريقَنا

 

 

قولٌ ويجهَلُهُ سوى النُبهاءِ

 

وكأنَّ عينَ الشرعِ غيْرُ حقيقةٍ

 

 

ألقت ببُرقُعِها لدى الفُقراءِ

 

والكشفُ يُعطي أنَّ شرعَ مُحمّدٍ

 

 

أجلى الحقيقةِ دونَ أيِّ مِراءِ

 

إن كان في لفظِ السيادةِ رِفعةٌ

 

 

للمادحينَ خجلتُ مِن إطرائي

 

فصفاتُهُ مثلُ الرؤوفِ وغيرِهِ

 

 

خِلَعٌ وقد جَلّتْ عن الإحصاءِ

 

يا سيدي إني لأشهَدُ أنَّكَ

 

 

ختْمُ النُبُوَّةِ قبلَ خَلْقِ الماءِ

 

ومُحمَّدٌ وصفُ الإلهِ لذاتِكَ

 

فمُحَمَّدٌ هو سيِّدُ الاسماءِ

 

أسماءُ حقِّكَ فالإلهُ مُنَزَّهٌ

 

 

ولذا احتميتُ بذاتِكَ العصماءِ

 

وكذاك أعلَمُ أنَّ سُبْحةَ وجْهِهِ

 

 

في وجْهِهِ جَلّتْ عَن الإبداءِ

 

فإذا الإرادةُ أن يرى؛ ما قد رأى؛

 

في غيرِهِ أبداك محضَ صفاءِ

 

وجلاكَ مرآةً لخالصِ نورِهِ

 

 

مَن قالَ في المرآةِ حلَّ الرائي!

 

حاشا ولا المرئيُّ، إذ هو صورةٌ

 

 

فيها تَنَزَّهُ أعيُنُ العُقلاءِ

 

فالكونُ خلُفَكُ فائضٌ عن فائضٍ

 

 

جَلَّ المُفيضُ عن المثيل النَّاءِ

والكُلُّ فيضٌ حادثٌ عن حادِثٍ

 

 

والسترُ أبرَزَ حِكمةَ الإنساءِ

 

يا سيدي إنِّي أقولُ للائمي

 

 

لمَّا تلحَّفَ خِلعةَ العُلماءِ

 

أتُراك تذكُرُ مِن ألستُ سوى الذي

 

 

نتلوهُ في الإصباحِ والإمساءِ

 

أم أنت تشهدُ عهدَهُ أو قبلَهُ

 

 

بئسَ الفناءُ بأبحُرِ الأهواءِ

 

فالحادِثُ الأزليُّ محضُ حقيقةٍ

 

 

قبلَ الزمان، ومبدأُ الإنشاءِ

 

ولِذا تلاهُ اللوحُ مِن أنوارِهِ

 

حتى بدا الميزانُ للعذراءِ

أمَّا الإلهُ فأوَّلٌ هو أخِرُ

 

 

لا شيء بين اسميه في الأشياءِ

 

فالذاتُ كالألِفِ الحقيقِ تنزَّهَتْ

 

 

عن منطقٍ في شرعةِ البُلغاءِ

 

إن كان أدمُ أولَ النشءِ الذي

 

 

قد خَصَّهُ الرحمنُ بالأسماءِ

 

فمُحَمّدٌ خيرُ الخلائقِ كُلِّهم

 

 

هلّا وسمتَ محمداً بالباءِ

 

قد كان مَظهَرَ نورِهِ إذ قد بدا

 

 

في نورِهِ نوراً بغيرِ ضياءِ

 

وحقائقُ الهَيَمَانِ كلٌّ عارفٌ

 

 

أنْ لا سواهُ بحكمةِ الإفناءِ

 

والكُلُّ في نورِ الحقيقةِ هائمٌ

 

 

إذ لا مكانَ بحضرةِ الإخفاءِ

 

فجواهرُ الكنزِ الخفيِّ حقائقٌ

 

 

مخفِيَّةٌ ترجوهُ محضَ ضياءِ

 

فإذا بدا منه الضياءُ تلألأت

 

 

وتعارفت في حضرةِ الإحياءِ

 

وحقيقةُ القلمِ العليِّ قد انجلتْ

 

 

واللوْحُ يقبلُ صورةَ الإملاءِ

 

فتوالتِ الأعراسُ فاشهدْ ما جرى

 

 

لترى الطبيعةَ زُوِّجتْ بهباءِ

 

والعرشَ يزهو إذ أحاط بذاتهِ

 

 

نورٌ هو الرحمنُ في الاسماءِ

 

والاستواءُ حقيقةٌ مجلوُّةٌ

 

 

والكونُ فرْشٌ شاسِعُ الأنحاءِ

 

والخلقُ يبرُزُ والحقائقُ تنجلي

 

 

لفؤادِ من يرقى مِن النُجباءِ

 

ومُحمَّدٌ في كَنْزِهِ إذ لم تزل

 

 

تترى الصلاةُ عليه عند الهاءِ

 

 

 

(لمَّا تعاظَمَ) أي تعالى وارتفعَ (منطقُ) أي ما نَطَقَ بِهِ (الزُمناءِ) المرضى، كما يُقالُ: رَجُلٌ زَمِنٌ؛ أي مريض؛ والمَرضُ المُزْمِنُ هو ما لا يُرجى مِنهُ شِفاء. (وتفاخرَ الأقوامُ) وتباهوا (بالأدواءِ) يعني العِلل كالكِبر إذ يحسَبُه المريضُ ثقةً واعتزازاً بالنَفْسِ، والجَهلِ عِندَ مَنْ اتخذَ العِلمَ سبباً للظهورِ والشفوفِ على الأقرانِ فصارَ حالهُم مَع العِلْمِ حالَ الجُهلاءِ وَهُم لا يشْعُرُن. (وجَنى الشريعةِ) أي ثَمَرُها ومَحْصُولُها (ما دنا) واقتربَ (متدلياً) لعلُوِّ مَنزِلةِ الشريعَةِ (إلَّا لطائفةٍ) يعني جماعة مخصوصة (مِنَ الأُمناءِ) على أحكامِها المُنَزَّلةِ، (وتوَهَّمَ الصبيانُ) الحُدَثاء، والصَبيُّ دونَ الغُلام، ويُقال صَبِيَ الرَجُل إذا فَعلَ فِعلَ الصبيان، وصبى أي مال إلى الشيء كمَنْ توَّهَم (أنَّ طريقَنَا) الذي نسْلُكُ عَلَيْهِ وهُوَ طريقُ السَلَفِ مِن العُلَماءِ أهْلِ التحقيقِ والصوفِيَّةِ حَفَظَةِ هذه الطَريقِ (قولٌ) أي توَهَّم هؤلاءُ أنَّ طَريقَ القَومِ قَولُ يستَشكِل على بَعضِ النَّاس لكون الأكابرَ قد اعتمدوا سترَ بعضِ ما حَصَّلوهُ بطريقِ المجاهداتِ، وذلك باستعمال اصطلاحاتٍ بينهم كسائر أصحابِ العلومِ والفنونِ، وكذا استعملوا الإشاراتِ والرموزَ حتَّى ظَنَّ بعضُ مَن انْتَسبَ إليهم ظاهراً ولم يتحققَ بما تحققوا به أن قولَهُم مُشْكِلٌ (ويجهَلُهُ) فلا يصلَ إلى مقاصِدِهِم (سوى النُبهاءِ) مِن أصحابِ النَظر الفِكريِّ مِمَّن غَفلوا عمَّا نَبَّهَ إليهِ العُلماء مِن أنَّ ما توَصَّلوا إليهِ بالمجاهدات والرياضات لا يصل إليه غيرُهم بغيرِ عَملٍ، وهذا مَحضُ ظَنٍّ مِن هؤلاءِ الدُخلاءِ الذين تَصَوَّروا (وكأنَّ عينَ الشرعِ) المُنَزَّل (غيْرُ حقيقةٍ) بل الحقيقة عينُ الشريعةِ حيث (ألقت ببُرقُعِها) أي رَفَعتْ نِقابَها (لدى الفُقراءِ) مِمَّن سلكوا الطريقةَ التي هي برْزَخٌ بين الشريعةِ والحقيقةِ التي هي باطِنُها (والكشفُ) وهو رفع الحجاب عن الحقائق (يُعطي أنَّ شرعَ مُحمّدٍ) صلى الله عليه وآلِه وصحبِه والتابعين إلى يوم الدين (أجلى) أي أظْهرُ وأوضَحُ (الحقيقةِ) أعني الحقائق (دونَ أيِّ مِراءِ) ولا شَكٍّ ولا جِدَالٍ. ولَّما ذَكر الفقيرُ اسمَ محمَّدٍ دُونَ لَفظِ السيادَةِ لضرورةٍ ما سوف تظهرُ في حينها، قال (إن كان في لفظِ السيادةِ) الذي درجت على ذِكره الأمة عند ذِكر رسولِ الله صلى الله عليهِ وسلم (رِفعةٌ للمادحينَ) حيث قال صلى الله عليهِ وسلم "أنا سَيِّدُ ولدِ أدمِ ولا فَخر" أي لا أقولها افتخاراً، بل قالها إعلاماً بمقامه الشريف ولذا قال الفقير أنه ما دام وصف السيادةِ في حقِّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ليس مدحاً له (خجلتُ مِن إطرائي) على نفسي بنسبتها إلى سيدِ الخلقِ صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا فإن كل ما يصفه به الواصف يعودُ نفعِه على الواصِف لا عليه صلى الله عليه وآله وسلم (فصفاتُهُ) التي وصَفَهُ الحقُّ تعالى بها (مثلُ الرؤوفِ) في قولِه تعالى (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)       (وغيرِهِ) مِن الصفات كالهادي والنور والسراج (خِلَعٌ) أي ملابِس خلعها الحقُّ تعالى عليه (وقد جَلّتْ عن الإحصاءِ).

ولَمَّا كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حضورٌ عند كل ذِكرٍ له حتى أنه صلى الله عليه وآله وسلم يَردُّ السلامَ على مَن سلَّم عليهِ، قال الفقير(يا سيدي) امتثَالا لأمر الله تعالى جَلَّ مَنْ قال (لَّا تَجْعَلُوا دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضًا). فوَجبَ ما جاء بهِ الفقير في هذا الموضع حيث قال: يا سيدي أي يا رسول الله صلوات الله عليك (إني لأشهَدُ أنَّكَ ختْمُ النُبُوَّةِ) لقوله تعالى (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّـۧنَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا)     وذلك (قبلَ خَلْقِ الماءِ) وقد وَرد في الحديث "إني عندَ اللهِ مكتوبٌ خاتَم النبيين وإنَّ أدم لَمُنجَدِل في طينَتِهِ" (ومُحمَّدٌ) وإن كان اسمُك صلوات اللهِ عيك، فإنما هو مِن حيث أصلهِ (وصفُ الإلهِ لذاتٍكَ) فهو أعظمُ المدحِ ومن هذا الوجهِ (هو سيِّدُ الاسماءِ) وقد قال بعضُ العارفين أن محمداً هو الاسم الأعظم، قال الشيخُ الأكبر محيي الدين ابن العربي في تنبيهاته شارحاً مقصدهم أن قولهم فيه أنه الاسم الأعظم يعني أن اسم محمدٍ أعظم أسمائه صلوات الله عليهِ. أقولُ وإن كان مِن حيث ذاتهِ أعظم دالٍ على الله ولكن هذا المعنى لا يقوى على استحضارِه كلُّ أحد، وإن كان فلا يكون في كل حالٍ، فكان لاسمه الذي أنزله الحق تعالى قرآنا رتبة السيادة في سائر الأسماء التي أشار إليها الفقير بقوله (أسماءُ حقِّكَ) التي تحققت بها، ولا يتوهم أحدٌ غير ذلك من الأسماء الإلهية (فالإلهُ مُنَزَّهٌ) عن مشاركةِ أي أحدٍ له في أسمائهِ وصفاتهِ (ولذا احتميتُ) في معرفتهِ تعالى (بذاتِكَ العصماءِ) التي يُلتجأ إليها فيما لا طاقة لغيرك به مِن معرفةِ الحق تعالى. (وكذاك أعلَمُ) أي كما عَلِمت بإعلام الله برتبتك السنية ومقاماتك العليَّة أعلم (أنَّ سُبْحةَ وجْهِهِ) وهي تجليه بذاته؛ حيث وجهُ الشيءِ حقيقَتُه (في وجْهِهِ) أي لذاته (جَلّتْ) تلك السُبحات في ذلك التجلي الذاتي (عَن الإبداءِ) أي عَن الإظهارِ، وقد نبّه على ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله "إن لله سبعين حجاباً مِن نورٍ وظلمة لو كَشفها لأحرَقتْ سُبحات وجْهِهِ كُلَّ ما أدرَكَهُ بصرُهٌ" فبان لنا أن تجليه سبحاته بذاتهِ لذاتهِ لم يُبدِ شيئا، وقد تعَسَّف جماعةٌ ممن خاضوا في الكلامِ عن الحقيقة المحمدية فقالوا أنها عبارة عن تجلي الذات الإلهية وليس الأمرُ كذلك وإن كان كل ما ظهر في الأكوان عبارة عن تجليات شئونه تعالى، فأما تجليهِ لذاتهِ بذاته بلا حجاب فلا مدخل للعقول في إدراكهِ ولا يُتصوَّر أن يكون عنه ما يُدرك لِما ذكرناه فذلك شهوده تعالى لذاته جَلَّت عن إدراكِ خلقِهِ (فإذا الإرادةُ) أي فإذا اقتضت الإرادةُ الإلهيةُ (أن يرى) سبحانه (ما قد رأى) أي في نفسه من نفسه (في غيرِهِ) وذلك المُعَبَّرُ عنه بالإبداعِ والإيجاد والخلق والجعل وغير ذلك مما أشار إليه تعالى بقوله في الحديث القدسي (فأحببتُ أنه أعرَف) بضم الألف (أبداك) صلوات الله عليك في تلك الحضرةِ (محضَ صفاءِ) مِن النور الخالِصِ الذي سوف يأتي بيانه عن قريب  (وجلاكَ مرآةً) قابِلةً (لخالصِ نورِهِ) وهو نورِ جلالِه في حضرةِ غيبِهِ إذ لا يحتمل جلالَهُ سواه تعالى، وحقيقته صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الحضرة عبارة عن مجلاه تعالى له جلّت ذاته عمّا يقول المُبطلون (مَن قالَ في المرآةِ حلَّ الرائي!) وهذا مما يعلمه كل عاقلِ ناظر (حاشا) أن يحلَّ الرائي في المرآةِ (ولا المرئيُّ) يَحِلُّ فيها إن كان غير الرائي (إذ هو) أعني أيَّ مرئي (صورةٌ) ظهرت في المرآةِ (فيها تَنَزَّهُ) أي تتنزه فيها (أعيُنُ العُقلاءِ) مِن الناظرين. وذلك مثالٌ معلومٌ عند أهل طريقتنا نصبه الحق تعالى للتقريب، وكما لا يتصوّرُ أحدٌ حلولَ الصورةِ في المرآةِ، كذلك لا يتصورُ عاقِلٌ أن النور الخالص المُعبَّرُ عنه عند بعض الأكابرِ بالنور الذاتي قد حلَّ في مَحلِّ فيضِه، إنما النورُ في سريانه ينصبغ بصبغةِ القابل فيأخذ حكمه، وسوف يزيد بيان ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى ولذا قال الفقير (فالكونُ خلفَكُ) صلوات الله عليك في تلك الحضرة النورية (فائضٌ) مِن كونِه نوراً (عن فائضٍ) سابقٍ في المرتبةِ والوُجُودِ (جَلَّ المُفيض) الحقُّ سبحانه وإن أعطى نورُه لكلِّ نورٍ صفةَ الفيض (عن المثيل النائي) أي جل أن يكون له مثيل في فيضِه وإن نَصَبَ سبحانه الأنوارَ مثالاً كما قال تعالى  (ٱللَّهُ نُورُ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشْكَوٰةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَٰرَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىٓءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَٰلَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ) فضرب لنوره القديم مثلا حادِثا للتفهيم (والكُلُّ فيضٌ) نورانيٌ (حادثٌ) لتنَزُّه نورهِ تعالى عن المجانسة والمخالطة ولكنَّ حقيقةَ نورِه تعالى اقتضت أن يفيضَ حادثٌ (عن) فيضِ (حادِثٍ) بترتيبٍ سببي (والسترُ) الذي اقتضته الرحمةُ الإلهية فأسدلت الحُجب النورانية التي لولاها لما ظهرت الأكوان، ولو كشفها لاحترقت الأروحُ الأبدان، فذلك السترُ (أبرَزَ حِكمةَ الانساءِ) أي التأخير، ولذا أخَّرَ تعالى بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وآلِهِ وسلم ليكون عين البدء عين الختام.

ولَمَّا كانت تلك الحقائق مما لا يَصح الخوض فيه بفِكرٍ ولا أن يُصوره وَهْمٌ قال الفقيرُ إلى عفو رَبِّهِ ورَحْمَتِهِ (يا سيدي) صلوات الله عليك اشهدْ (إنِّي أقولُ للائمي) ممن يخالف قولُهُ ما اتفق عليه سادتنا أهلُ التحقيق مما نحن عليه من الاعتقاد (لمَّا تلحَّفَ) ذلك المُخالِف (خِلعةَ العُلماءِ) وهو لا يدري أنها مما لا يُتلحَّف به، إنما يتلحف النائم العاطِل (أتُراك) أيها المخالِف (تذكُرُ مِن ألستُ) أي من ذلك الميثاق (سوى الذي نتلوهُ في الإصباحِ والإمساءِ) مِن قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِىٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَٰفِلِينَ)      فهل جاوزت أيها المخالف العلم بظاهر الآية (أم أنت تشهدُ عهدَهُ) المُشار إليه (أو قبلَهُ) أو تشهد ما قبله مِن العهود والمواثيق التي أشار إليها أهلُ التحقيق ممن فنوا عن الخلق فأقامهم الحق تعالى لما تنزَّهوا عن الأغراض وذلك مما لا يصح أن يدَّعيه كل مُدَّعٍ (بئسَ الفناءُ) الذي يتلبَّسهُ المدعون الغارقون (بأبحُرِ الأهواءِ) فيتكلمون بما يُوهم بسعة علمهم وعلوِّ رتبتهم فينسبون المُحدَثِ إلى القِدَم مِن وجهٍ لم يقل به أهل التحقيق، (فالحادِثُ الأزليُّ) الذي تكَلَّم فيه بعضُ القُدماءِ (محضُ حقيقةٍ) أي حقيقة محضة، وقد سموها حادثٌ لأن الحدوثُ حقيقتها وإنما وصفوا ذلك الحادث بالأزلي مِن حيث كونه  (قبلَ الزمان) الذي لم يكن إلا بتمام خلق السموات والأرض، بل أنَّ صفةَ أزليته في زعمِ مَن قال بها مِن القُدماء قبل خلقهِ، وهي عندهم عبارة عن ثبوت عينه في علم الله القديم. وعندنا أن العين الثابتةَ لا توصفُ بالوجود ولا العدم، فوصفوه بالحادث الأزلي لا من حيث وجوده، بل من حيث علم ربه تعالى به، وقد وصف الشيخ الأكبر ذلك الثبوت بكونه عبارة عن شيئية المعدوم الممكن، ولا يصح أن نمدح بهذا الوصف حقيقةً كانت ما كانت إذ لكل شيءِ عينٌ ثابتةٌ ولا فرق في ذلك بين بَشرٍ وحَجر. فإن وافقنا من وصف محض حقيقته صلى الله عليه وآله وسلم بالحادث الأزلي قيدنا قوله بأن الأزلية المقصودة إنما هي لعدم الزمان فلم نصف حقيقته بالقِدم الذي تفرَّد به الحق تعالى، فحقيقته صلى الله عليه وآله وسلم عبارة عن النور الفائض (ومبدأُ الإنشاءِ) ولذا سموها حقيقة الحقائق مِن وجه، والقَلمُ الأعلى مِن وجه (ولِذا تلاهُ اللوحُ) وهو النفس الكلية باعتبار أن القلمُ هو العقلُ الأول، فاللوح أول مخلوقٍ عن سببٍ هو القلم، وهو (مِن أنوارِهِ) ثم توالى ظهور الأكوان (حتى بدا الميزانُ) كما قال تعالى (وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَانَ). فلمَّا وضع سبحانه الميزان دارت الأفلاك فكان الزمان، وما زال الأمر كذلك إلى دورة كان حكم الزمان فيها (للعذراءِ) مِن الأبراج، قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه أن في تلك الدورة خلق الله أولَّ الجسوم الإنسانية يعني جسم أدم عليه السلام. ومن عَلِم ذلك وشاهد التوالي أيقن أنه لا يصح وصف حقيقته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بالقِدم أصلا مع سبقها، إذ أولية المُحدَث لابد لها من ثانٍ (أمَّا الإلهُ) تنَزّهَ عن مشاركةِ غيره له في المعنى (فأوَّلٌ هو أخِرُ) أي أوَّلٌ لا ثاني له، وآخِرٌ لا سابقَ له (لا شيء بين اسميه) الأول والأخِر (في الأشياءِ) أي من الأشياءِ والحقائق والصُوَر. (فالذاتُ) مِن حيث التقريب كما قال أهل هذا الشأن (كالألِفِ الحقيقِ) أعني حرف الألف في كل لسان فإنها؛ أي الألِف؛ (تنزَّهَتْ عن منطقٍ) لأن الألف عبارة عن هواء فإن انقطع عند مخرجٍ مِن مخارج الحروف سُمي باسم الحرف الحادث بانقطاع الهواء عند ذلك المقطع ولا يُسَمَّى ذلِكَ الحرفُ الحادِثِ ألِفاً، وذلك متَّفقٌ عليهِ (في شرعةِ البُلغاءِ) فانظره. فأولية الحقِّ تعالى أوَّليةُ القِدَم، وأولية الحقيقة المحمَّدية أوليةُ الحدوث في عالم الحقائق النورية الكونية فإن لكل جنسٍ أو صَنفٍ أو قِسمٍ أو ما كان وصفه أول، وكذلك (إن كان أدمُ) عليه الصلاة والسلام (أولَ النشءِ) الإنساني، وهو أول الخلفاءِ (الذي قد خَصَّهُ الرحمنُ بالأسماءِ) كما قال تعالى (وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلْأَسْمَآءَ كُلَّهَا)    فمُحَمّدٌ صلى الله عليه وآله وسلم (خيرُ الخلائقِ كُلِّهم) كما اتفق على ذلك جماعة العلماء، (هلّا) أرَحْتَ نَفْسَكَ إن كنت عاقلا، وفعلتَ مثلي إذ اقتدَيتُ بشيخي حيث (وسمتَ محمداً) صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ( بالباءِ) فإنَّ للباءِ مِن العدد الاثنين وهو أول الكثرة، كما أن لها الرتبة الثانية إشارة إلى الإمكان لمّا كان الأولُّ هو الواجِب سبحانه. فإن شئتَ مزيداً مِن التحقيق في رتبة حقيقته صلى الله عليه وآله وسلم، فاعلم أنه (قد كان مَظهَرَ نورِهِ) لا نورُهُ، إذ أن العماء كان أول قابِل لسريان النور الذاتي الذي هو نور الجلال، وقد جاء في الحديث أن الله تعالى كان قبل أن يخلقَ الخلق في عماء ما فوقَه هواء وما تحتَه هواء، أي غير محمولٍ، وتلك قبليةٌ لفظيةٌ للتقريب، فالحقيقة تعطي أنه لا قبلَ ولا بعدَ في تلك الحضرة إذ لم يكن الله تعالى قد خلق الزمان، فالعماءُ أوَّلُ مَظهَرٍ ظهرَ فيهِ النورُ الذاتي كما ظهر في قوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ)  فلمَّا انصبغَ ذَلِك العماء بنورِ الجلالِ فتَحَ اللهُ تعالى فيه صوَر الملائكةِ المهيَّمين ومنهم القلمُ واللوحُ كما أشرنا من قبلُ، وقد خلقهم سبحانه دُفعةً واحدةً، وليس منهم مخلوقٍ عن سببٍ قبله إلا اللوح الذي هو النفْسُ الكُلِّية؛ هكذا قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه؛ فهذا معنى كون حقيقته صلى الله عليه وآله وسلم مظهر ذلك النور. الذي عبَّرنا عنه بالمرآة، فهو مظهره له سُبحانه مِن حيثُ لم يكُن غيرُهُ (إذ قد بدا) نورُ الحقيقة (في نورِهِ) أعني في نور الجلالِ (نوراً) خالصاً لا يُرى كما قال صلى الله عليه وآله وسلم "نورٌ أنَّى أراه، فهو في تلك الحضرة نورٌ (بغيرِ ضياء) في نورٍ صَبَغ العَماءَ، ثُمَّ كان تجليه تعالى بنور الجمال ولذا كان الملائكة مهيمين (وحقائقُ الهَيَمَانِ) أي حقائق عالَم الهيمان مِن الملائكة (كلٌّ عارفٌ أنْ لا سواهُ) بحُكم انصباغ العماء بنوره تعالى الذي لا يقبل الغيرية ولا يحتمله السِّوى، وإن شئتَ قُل (بحكمةِ الإفناءِ) فكان نوره صلى الله عليه وآله وسلم من حيث انصباغه في ذلك التجلي بنور الجمال عبارة عن حجاب العزَّةِ الأحمى (والكُلُّ في نورِ الحقيقةِ) المحمدية (هائمٌ) حيث لا تمايُز بين الحقائق قبل شهود صوَرِها (إذ لا مكانَ بحضرةِ الإخفاءِ) إنما هذه الحضرة حضرة النور الفائض قبل المكانِ (فجواهرُ الكنزِ الخفيِّ) المُشار إليه في الحديث القدسي بقوله تعالى "كُنتُ كَنزا لا أعرف" فجواهرُ ذلك الكنز  (حقائقٌ مخفِيَّةٌ) في نورِه (ترجوهُ محضَ ضياءِ) كي تُرى وتَبرُزُ في عالم الأكوان كما قال تعالى (هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً)      فكان النورُ حِجاباً فلا تنظر للنورِ فتعمى، ومِن هُنا ضلَّ مَن ضَلَّ لمَّا نظر لحقيقته صلى الله عليه وآله وسلم فتوَهَّمَ أنه النور الذاتي لا أنها أولُ قابلٍ له، فبقبوله نورَ الجلالِ كان نوراً وحِجاباً (فإذا بدا منه الضياء) لما تجلَّى سبحانه عليه بنور الجمال المُشارُ إليه فيما سبقَ (تلألأت) فأضاءت الحقائقُ (وتعارفت) وكان ذلك أول ظهورها (في حضرةِ الإحياءِ) وعالَم الإمكان (وحقيقةُ القلمِ العليِّ) التي كانت أولُ الملائكةِ المُهَيّمين (قد انجلتْ) وبرزت فقال تعالى للقلم اكتب (واللوْحُ يقبلُ صورةَ الإملاءِ) فكان ظهورُ جواهرِ الكنزِ الخفي بالأمر الإلهي (فتوالتِ الأعراسُ) وظهرت الطبيعة ثم الهباء (فاشهدْ ما جرى) تكن ممن لهم (قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَٰرُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ ‎)       فانظر (لترى الطبيعةَ زُوِّجتْ بهباءِ) فظهر جسمُ العالَمِ وشكلُهُ (والعرشَ يزهو) فخراً وفرَحاً (إذ أحاط بذاتهِ) يعني ذات العرشِ وحقيقتهِ لا صورتِهِ فَحَسب (نورٌ هو الرحمنُ في الاسماءِ) لقوله تعالى (الَّذِى خَلَقَ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَٰنُ فَسْـَٔلْ بِهِۦ خَبِيرًا)   (والاستواءُ حقيقةٌ مجلُوُّةٌ) لا خلاف فيها عند أهل السنةِ والجماعة (والكونُ فرْشٌ) أحاط به العرشُ فهو (شاسِعُ الأنحاءِ) كما جاء في الحديث مِن قولِهِ صلى الله عليه وآله وصحبه والتابعين "ما السموات السبع مع الكُرسي إلا كحَلقة مُلقاةٍ في فلاةٍ وفَضلُ العرشِ على الكُرسي كَفَضْلِ الفلاةِ على الحلقةِ" أو ما قال صلى الله عليه وآله وسلم مما هذا معناه. (والخلقُ يبرُزُ) حجاباً وراءَ حِجاب رحمةً بالعالمين فلا تحرقهم سُبحات وجهه الجليل (والحقائقُ تنجلي) لا لأهل الأهواءِ والأغراضِ بل (لفؤادِ من يرقى مِن النُجباءِ) رضي الله عنهم وجعلنا منهم بمحضِ فضلهِ. (ومُحمَّدٌ) صلى الله عليهِ وسلم (في كَنْزِهِ) لم يكشف الله لأي أحدٍ عن حقيقتهِ (إذ لم تزل تترى الصلاةُ عليهِ) فتزداد حقيقته نورا (عند الهاءِ) أي في حضرة الهوية الغيبية، فالحمدُ لله وسبحان الله وما أنا مِن المشركين.