السنة الخامسة رمضان 1446 هـ - مارس 2025 م


د. مختار محسن الأزهري
أدلة أوراد الطريقة الصديقية من كتاب المنح العليّة (3)
د. مختار محسن الأزهري

(تابع) ثانيًا: فضل المُسبَّعات وبركاتها:

6- فضل آية الكرسي:

آية الكرسي لها فضل عظيم دلت عليه كثير من الأحاديث ومن ذلك:

1 – ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقص الحديث، فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، لن يزال معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان"([1])

2 - ما رواه الإمام النسائي في عمل اليوم والليلة قال:" من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت"([2])

7- فضل الباقيات الصالحات ([3]):

الباقيات الصالحات هي قولنا: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله "وقد وردت أحاديث تبين فضلها ومن ذلك:

1- ما رواه الإمام أحمد بسنده عن مولى لسيدنا عثمان بن عفان قال: "جلس عثمان يومًا وجلسنا معه، فجاءه المؤذن، فدعا بماء في إناء، أظنه سيكون فيه مد، فتوضأ، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا، ثم قال: " ومن توضأ وضوئي هذا، ثم قام فصلى صلاة الظهر، غفر له ما كان بينها وبين الصبح، ثم صلى العصر غفر له ما بينها وبين صلاة الظهر، ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين صلاة العصر، ثم صلى العشاء غفر له ما بينها وبين صلاة المغرب، ثم لعله أن يبيت يتمرغ ليلته، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهن الحسنات يذهبن السيئات ". قالوا: هذه الحسنات، فما الباقيات يا عثمان؟ قال: هن: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله"([4])

2 – وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا الدرداء، قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنهن الباقيات الصالحات، وهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها، وهن من كنوز الجنة"([5])

 

8 – فضل الصلاة الإبراهيمة:

ومما ورد في بيان فضلها:

1 - ما أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحّم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم.. شهدت له يوم القيامة بالشهادة، وشفعت له"([6])

2 - وقال الإمام النووي رحمه الله: "أفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) إلى آخرها.وتسمى: الصلاةَ الكاملةَ والصلاةَ الإبراهيمية"([7])

9- فضل الاستغفار:

اشتملت المُسبَّعات أيضًا على الاستغفار للنفس وللوالدين وللمؤمنين؛ وهو نوع اقتداء بالقرآن الكريم الذي جاء فيه قوله تعالى: ﴿ رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [نوح:28]

وقد ورد بخصوص الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات أحاديث تبين فضل ذلك ومنها:

1 – قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة".([8])

2 - وقال صلى الله عليه وآله وسلم: " من لم يكن له مال يتصدق به فليستغفر للمؤمنين فإنه صدقة"([9])

10 – فضل الدعاء للنفس وللمؤمنين بظهر الغيب:

اختُتمت المُسبَّعات بالدعاء للنفس، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بظهر الغيب، وقد جاء الشرع الشريف بالترغيب في الدعاء وجعلَه بابًا بين العباد وبين ربهم ووسيلة لمناجاته والطلب وعرض الحاجات عليه؛ قال تعالى:﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾[غافر: 60].

 وقد ورد في فضل الدعاء بظهر الغيب([10]) أحاديث منها:

1- ما رواه مسلم بسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، إلا قال المَلَك: ولك بمثل"([11])

2- وعند مسلم أيضا " دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثله"([12])

إذن بان لنا أن هذا المجموع المبارك؛ المسمى بالمُسبَّعات العشر، قد اشتمل على ما ثبت فضله وعظم أجره؛ فهنيئًا لمن جعله وردَه وداوم عليه صباح مساء؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل"([13]) ... يتبع


([1]) رواه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة الحديث رقم 5062

([2]) رواه النسائي في عمل اليوم والليلة باب ثواب من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، الحديث رقم : 100

([3]) جاء في سبل السلام شرح بلوغ المرام للصنعاني: في شرح الباقيات الصالحات قال: " الباقيات الصالحات: يراد بها الأعمال الصالحة التي يبقى لصاحبها أجرها أبد الآباد وفسرها - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمات"ا.هـ انظر سبل السلام شرح بلوغ المرام 4/ 217 ط.الحلبي

([4]) مسند الإمام أحمد؛ مسند عثمان بن عفان، الحديث رقم: 513

([5]) أخرجه ابن شاهين في الترغيب بهذا اللفظ في باب فضائل الأعمال، حديث رقم 477 ط.دار الكتب العلمية، الأولى 2004 م، وأخرجه ابن ماجه مختصرًا  في سننه كتاب الأدب ،باب فضل التسبيح ، الحديث رقم 3945

([6]) الأدب المفرد للإمام البخاري، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،الحديث رقم 641 ط.الخانجي، الأولى 2003م؛ قال ابن حجر الهيتمي معلقًا على هذا الحديث:  وهو حديث حسن؛  انظر: الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود صـــ90 ط.دار المنهاج –جدة 1426 ه

([7]) انظر كتاب المقاصد للإمام النووي صـ17 ط.مكتبة الغزالي-دمشق، الثالثة 2001 م

([8]) رواه الطبراني في مسند الشاميين مسند يعلى بن شداد عن عبادة بن الصامت، حديث رقم:2155 ط.مؤسسة الرسالة ، الألى 1405 هـ ،وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 10 / 210 : إسناده جيد، وفي رواية :" من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كل يوم سبعا وعشرين مرة، أو خمسا وعشرين مرة - أحد العددين - كان من الذين يستجاب لهم، ويرزق بهم أهل الأرض" قال في مجمع الزوائد 10 /210: " رواه الطبراني، وفيه عثمان بن أبي العاتكة وقال فيه: حدثت عن أم الدرداء، وعثمان هذا وثقه غير واحد، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله المسمين ثقات"

([9]) رواه الطبراني في الأوسط، الحديث رقم 2693 ط.دار الحرمين

([10]) ظهر الغيب: أي ليس في حضور من يدعو له؛ لأن هذه الحالة تدل على الإخلاص في الدعاء، بخلاف ما لو دعا له في وجهه، ولذلك يمكن أن تكون سرا ولو في حضرة من يدعو له.

([11]) رواه مسلم،كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، الحديث رقم:7103

([12])رواه مسلم،كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، الحديث رقم: 7105

([13]) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره.