
المنهج الأزهري في التعامُل مع الآثار النبوية
أحمد عبد العاطي الآثاريتبحث هٰذه الدراسة في مدىٰ الأثر الَّذي أحدثه الأزهرُ الشريفُ وعلماؤه الأجلَّاءُ في المجتمع مِن خلال زاوية مُهمة، وهِي العِناية والاهتمام بالآثار النبويَّة، وما يترتب علىٰ هٰذا الاهتمام من التعلق الرُّوحي بصاحبها صلى الله عليه وآله وسلم، ومِن ثمَّ التأسِّي والاقتداءُ به والتمسكُ بسُنَّته الشَّريفة، وهُو الغاية المرجوَّة وبيت القصيد.
وقد سجَّل المؤرخونَ لنا فيما دبَّجتْه أقلامُهم عنايةَ العلماءِ وكبارِ حُفَّاظ الأمّة وعُمومِ النّاس بالآثارِ النبوية والتقرُّبَ إلىٰ الله بزيارتها في محلِّها لاسيما إذا ما ألمَّ بهم خطْبٌ جسيم، معَ الأخذ بالأسباب العلمية المتوفرة في زَمانهم، وقد اجتاحَ العالمَ كلَّه في الفترة الماضية فيروس كُورونا، ودَعا بعضُ العلماءِ لإحياء سُنّة قراءة صحيح البخاريِّ لرفع الوباء، من غيْر أن تظهر دعوةٌ واحدةٌ بإعادة الاعتبار لهٰذه الآثار النبوية والاهتمام بها، إحياءً – أيضًا – لسُنّة سلفنا وعلمائنا الصَّالحين.
وتعرض هٰذه الورقةُ أطروحةً تفسِّر سببَ ذٰلك، ثم تعرض بعضَ التوصيات والأعمَال لمعالجة القضيَّة؛ والأطروحةُ هي أنَّ عُلماءَ الأزهر الشرِيف يسلكُون في التعامل مع هٰذه الآثار النبوية مسلكَ التصديق وحُسن الظَّن فيها في مقابل فئة أخْرىٰ تحاوِل إخضاعَ الرِّواياتِ التاريخيةَ والآثارَ النبويةَ لِقواعِد النقْد الحَديثيِّ، ممَّا يترتب عليْه تكذيبُها وإساءَةُ الظن فيها، ومِن ثمَّ هجرُها وعَدم العناية بها، بل وطمسُها ما استطاع أتباع هٰذه الفئة إلىٰ ذٰلك سبيلًا. .وأمَّا الأعمال المقترحة لمعالجة القضية فهي إظهارُ المنهج الأزهريِّ والبرهنة علىٰ صحَّته وأنه منهجُ العلماءِ قديمًا وحديثًا الَّذي تلقته الأمةُ بالقبول، وذٰلك بتحقيق مصنفاتهم ومؤلفاتهم، وتكثيفِ الدراسات والأبحاث التحليلية لمناهجهم العِلمية الرَّصينة في التعامل مع هٰذه القضية، وجدالِ مَن خالف بالَّتي هِي أحسن.
مسالك علماء الأزهر في التعامل مع الآثار النبوية:
تميّزت المدرسة الأزهريَّة باتصال سندها بعُلماءِ وشيوخ الإسْلام مِن السلف الصالح، وعلىٰ رأسهم الصحابة رضي الله عنهم الَّذين تواترت الأخبارُ علىٰ اهتمامهم وشدة عِنايتهم بآثار نبينا الكَريم صلى الله عليه وآله وسلم؛ وقد انتقل هٰذا الاهتمامُ إلىٰ علماءِ هٰذه المدرسة العريقة، وهو ما تُعْرب عنه التواليفُ والتصانيفُ الَّتي خلَّفوها([1])، وقد سلك علماءُ الأزهر في تعاملهم مع الآثار النبوية ثلاثةَ مسالك؛ الأول التصديق وحسن الظن بالآثار الَّتي لا يوجد دليلٌ قاطعٌ ينفي نسبتَها للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، والثاني تنزيهُه صلى الله عليه وآله وسلم عن الآثار الَّتي تَبين عدمُ صحة نسبتها له([2])، والثالث أحْدثهُ العَلَّامة الأزهريُّ الجليلُ حامي الذِّمارِ ومفتي الدِّيارِ المصريّة السَّابق الدُّكتور علي جمعة، وقد تجاوز فيه – كَعادته – الدراساتِ القديمةَ بمراحِل، وربط بين العِناية بالآثارِ النبوية وحركةِ الشّك في حقيقة بَعثة النبيين عليهم السلام، تلك الحركَة الَّتي ظهرت في القرن التاسع عشر([3]).
وتتعلق هٰذه الدراسة بالمسلك الأوَّل الخاصِّ بتصديق علماءِ الأزهر وحُسن ظنِّهم بالآثار النبوية الَّتي لا يوجد برهانٌ ساطعٌ ينفي نسبتها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأثر ذٰلك علىٰ المجتمع حُكَّامًا ومحكومين مِن حيث العنايةُ بهٰذه الآثار والاهتمامُ بها والتبرك بها في زمان الشِّدة، في مقابل إذا ما انتشر منهجٌ آخر غيرُ أزهريٍّ يحاول إخضاعَ الروايات التاريخية والآثارَ النبوية إلىٰ ما يخضع له الحديثُ الشريفُ من قواعد عِلم الحديث، وما ينتج عن ذٰلك من تكْذيب هٰذه الآثار وإساءَة الظن بها، وأثر ذٰلك علىٰ المجتمع - أيضًا - من حيْث حِرمانُ النَّاس فيه مِن هٰذه الآثار النبوية الشرِيفة.
نماذج من تعامل العلماءِ الأزهريين مع الآثار النبوية:
هُناك العديد من الرِّوايات التاريخية والدروس العِلمية المُسجَّلة الَّتي يمكننا من خلالها رؤيةُ النموذج الأزهريّ في التعامُل مع الآثارِ النبوية قديمًا وحديثًا؛ ففي العصْر المملوكيِّ يحدثنا المقريزيُّ عن أحداث صفر سنة 806 هـ (1403م)، فيقول: "وفي يوم السبت ثالث عشره: توجّه شيخُ الإسلام جلال الدين إلىٰ رباط الآثار النبوية، وحمل الآثارَ النبويةَ علىٰ رأسه، واستسقىٰ، وأكْثر من التضرُّع والدُّعاء مليًّا، وانصرفَ"([4])؛ والمقصود بشيخ الإسلام هُنا هو العالِم المصريّ جلال الدين البُلْقيني، ورباط الآثار هو الرباط الَّذي أنشأه الوزير الصاحب تاج الدين مُحمد بن فخرِ الدين محمد بن بهاء الدين علي بن سليم بن حِنَّا الحجازيّ، وأوْدع فيه الآثارَ النبويةَ الَّتي اشتراها مِن بني إبراهيمَ الشجريّ مِن أشراف يَنْبُع([5]). وفي أواخر القرن التاسع عشر عِند نقل هٰذه الآثار النبويَّة - التي كَانت برباط الآثار ثمَّ انتقلت غير مرة إلىٰ أماكن عديدة – إلىٰ مقرِّها الحالي بمسجد مولانا الحسين تظهر صورةٌ أخرىٰ مشرِّفةٌ من صور التعامل الأزهريِّ مع هٰذه الآثار النبوية؛ فقد كَان من بروتوكُول نقل هٰذه الآثار أن يحضر الاحتفاءَ بها شيخُ الأزْهر الشَّريف بمقامِه الرفيع ومفتي الدِّيار المصْرية وقاضِيها([6]). والعالِمُ الجليل الشيخُ محمد العايش الأزهريُّ نموذجٌ من نماذج تعامل علماءِ الأزهر الشريف مَعَ الآثار النبوية، وقد كَان رضي الله عنه عالِمًا بالآثار النبوية المكَانية ومواقع الغزوَات علىٰ الطّبيعة([7]).
وقد استمرَّ عُلماؤنا الأزهريّون المعاصرون علىٰ ذا النهْج القدِيم في التصْديق وحُسن الظنِّ بالآثار النبوية، علىٰ مَا جرت به العادة مِن اقتداءِ الخلَف بالسَّلف، حتَّىٰ إنَّنا إذا تتبعنا السند العلميَّ لهٰؤلاء العلماءِ الأزهريين في زماننا ونسبَهم المعرفيَّ والمدرسةَ الفكْريّةَ الَّتي تربوا فيها، لوجدْنا أنَّ نسبَهم ينْتهي إلىٰ أولئك العُلماءِ الأزهريينَ القدامىٰ في منهجهم العلميِّ الرصِين الذي تعامَلوا به مَعَ الآثار النبوية في زمَانهم([8]).
فها هُو العلَّامة الدكتور علي جُمعة يفرد حلَقة من حلَقات برنامجه الماتع مجالس الطيبين عن الآثارِ النَّبوية قراءةً في كتاب آثارِ الرسول لحلمي أيْدين، ثم يشارك في 2010م في فيلم وثائقيّ عنها بعُنوان السلام عليك أيها النبيُّ، هٰذا فضلًا عن حلقة ماتعه في برنامج والله أعلم عن آثار الأنبياء، بالإضافة إلىٰ العديد من الوقفات عند ذِكْر الآثار النبوية أثناءدروس السيرة العطرة. وقلْ مثلَ ذٰلك في شيخنا المُحدِّث الدكتور أسامةَ الأزهريِّ، بمشاركته شيخَه في فيلم السلام عليك أيها النبيُّ الَّذي سبقت الإشارةُ إليْه، وذهابه إلىٰ محلِّ الآثارِ في المسْجد الحُسينيّ وتقبيله سيفَ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وزيارته للشعَرات النبويَّة الشريفة فِي بلَاد الهنْد([9]).
وللدُّكتور يُسْري جبر جوابٌ صريحٌ عن سؤال وُجِّه لفضيلته بشأن صحَّة الآثار المنسُوبة للجناب النبويِّ في زماننا، بالتصديق وحسن الظنّ فيها([10]).
ولقد وضعتُ كتابًا بعُنوان (الأزهريُّون وآثارُ الرسُول)([11]) نقلتُ فيه عن أكثرَ مِن ثلَاثين عالِمًا أزهريًّا، مِن أمثال العلَّامة المفتي حسنين محمد مخلوف ويوسف النبهاني ومحمد طاهر الكُردي ومولانا محمد متولي الشعْراوي إمامِ الدُّعاة والشيخ أسعد الشقيري مفتي الجيش الرابع العُثماني وغيرهم من خِيرَة العلماءِ الأزهريين، ما يفيد في بيَان المنهج الأزهريّ في التعامُل مع الآثار النبوية، ولم أكتفِ فيه بالإفصاح عن كينونة هذا المنهج العتيد وطبيعته على ما فعلتُه هنا في هذا البحث الذي بين يدي القارئ الكريم الآن، بل كشفت فيه عن حججه وعضدت بأقوال وأفعال أئمة السلف الصالِح دلائلَه.
أثر المنهج الأزهري في التعامل مع الآثار النبوية علىٰ المجتمع:
لقد ظهر أثرُ المنهج الأزهريِّ في التعامُل مع الآثار النبوية واضحًا جليًّا علىٰ المجتمع بأسْره حُكَّامًا ومحكُومين، فصدَّقوها وأحسنوا الظنَّ فيها وتبركُوا بها واعتنوا بها عنايةً كَبيرة؛ قال العلَّامة أحمد باشا تيْمور: "ليس في هٰذه الآثار ولا فيما أوردناه عنها من النُّصوص ما يبعث علىٰ الاسترابة في نسبتها إلىٰ المقام النبوي الكَريم، ولا يخفىٰ أن كُلَّ شيء محتملٍ للصحة إذا لم يُلمز بطعن أو يُحفّ بشبهة واستفاضت به الأخبار= كَان حقيقًّا بأن تطمئن إليه النفوس وتتلقاه بالقبول، ولاسيما إذا كَان أثرًا منسوبًا إليه صلى الله عليه وآله وسلم، لا تؤمن فيه مغبة الشك والإنكار؛ ولهٰذا رأينا ذوي الحيْطة من السَّلف ومَن ائتم بهديهم في كُل جيل يتحرَّجون عن المجازفة بالإنكَار في مثل هٰذه الآثار، ويرون السَّلامةَ في قبولها والتسليم بها مَا لم يمنع مانع"([12])، ويخبرنا ابنُ إياس بشيء مِن أثر ذٰلك، فيقول - في حوادث سنة 774هـ -: "وفي شهر ذي القعْدة، حصل لخوند بَركَة أمِّ السُّلطان مرضٌ حَادّ، فتوعّك من ذٰلك جسدُها، فطلعوا إلىٰ الروضة، فتزايد بهَا المرضُ؛ فلمَّا بلغ السُّلطانَ ذٰلك، نزل من القلْعة، وتوجَّه إلىٰ نحو الأثر النبويّ، فزاره"([13])، وكَان من عناية السلطان الغُوريِّ بها أن نقلها من محلها القديم في رباط الآثار بعدما خُرِّبَ إلىٰ قُبته الّتي أنشأها خصيصًا لها، حتىٰ ذكَر بعض المؤرخين أنَّه إنَّما بناها لتكُون مُتحفًا للآثار النبوية([14])، وفي سنة 1305هـ/1888م نقل الخديوي توفيق باشا هٰذه الآثار من قصْر عابدين إلىٰ مقرِّها الحالي بمسجد الحسين، ثم أمر الخديوي عبَّاس باشا حلمي الثاني بإنشاء غُرفة خاصّة بها، وتمَّت في ربيع الأول سنة 1311هـ/1893م([15]).
وكان من أثرِ المنهج الأزهريِّ في وقتنا الحالي أن تعالت أصواتُ كَثير مِن الباحِثين بضرُورة العناية بالآثار النبوية المتفرقة في المساجد ووضعها في بؤرة واحِدة([16])، وقد بدت استجابةُ المسئولين لهٰذه الصيحات، فأعلن – مؤخرًا - الإعلاميُّ محمّد الباز عزمَ الحكُومة المصرية([17]) علىٰ إنشاء مُتحف بالعاصمة الإداريّة الجديدة ونقْل الآثار النبوية إليْه([18]).
مسالك غير الأزهريين في التعامل مع الآثار النبوية:
انتهج غير الأزهريين في التعامل مع الآثار المنسوبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسَ طريقتهم في التعامل مع الحديث النبوي الشريف، وحاولوا إخضاعها لقواعده([19])، فنفوا صحَّة نسبتها إليه صلى الله عليه وآله وسلم في الجُمْلة، محتجين بانقطاع أسانيدها، من دون حتىٰ النظر في الأسانيد المتوفرة لدىٰ بعض الحائزين الشعرات النبوية والحكْم عليها([20])، ومؤيدين رأيهم تارةً بزهده صلى الله عليه وآله وسلم وقلة ما خلَّفه من آثار حتىٰ إنه مات ودرعه مرهونةٌ عند يهوديّ([21])، وعدم إمكانية بقاءِ شيء منها إلىٰ زماننا تارةً أخرىٰ([22])، ثم انصرفت كتاباتُهم إلىٰ عدم جواز التبرك بهٰذه الآثار علىٰ أية حال، وإنْ صحت نسبتُها للنبيِّ، كَونها منفصلةً عن جسده الشريف، إذ إنَّ الّذي يجوز فيه التبركُ عِندهم هُو ما كَان متصلًا بجسده كَعرقه وريقه وشعره([23]).
نماذج من تعامل غير الأزهريين مع الآثار النبوية:
ظلت الآثار النبوية علىٰ العين والرأس، تَلقى من عِناية المسلمين واهتمام حُكَّامهم ما يليق بها من الحفاوة والتبجيل، محبةً منهم لمن تنتسبُ إليه هٰذه الآثار صلى الله عليه وآله وسلم، كَما قال القائل:
أمُرُّ علىٰ الدِّيارِ
دِيارِ ليلى |
أُقبلَ ذا الجِدارَ وذا
الجِدارا |
وَما حُبُّ الدِّيارِ
شَغَفنَ قَلبي |
وَلَكِن حُبُّ مَن سكَنَ
الدِّيارا |
وقد انتقل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إلىٰ الرفيق الأعلىٰ، ومضىٰ زمانُ الخلفاءِ الراشدين والأئمة المهديين وزمانُ الأمويين والعباسيين والعُثمانيين لم يهدم واحدٌ من الناس أثرًا نبويًّا، أو يدعو إلىٰ ذٰلك، وعلىٰ ذا النهج كَان أئمَّة العلم المتقنون الَّذين ملكُوا ناصيةَ التحقيق وأزِمَّةَ التدقيق ونثروا بين الخلْق العلومَ النافعةَ الشافعةَ، إلىٰ أن جاءَ مَن بصر بما لم يبصُر به هٰؤلاء المتقدمون من السلف الصالح، فجاسُوا في الديار ولم يذروها إلا قاعًا صفصفًا!!، هٰذا إضافة إلىٰ تزهيد الناس في هٰذه الآثار، بنشر هٰذا المنهج فيهم، وما كان لذٰلك من أثر، سنورد طرفًا منه بعد سطور.
وتتمثل النماذج غير الأزهرية في تعاملها مع الآثار النبوية في مناهضةِ كلِّ الدعوات إلىٰ الحفاظ علىٰ الآثار النبوية والعناية بها، بل ودعوتِهم إلىٰ هدْم ما تبقىٰ منها، وذٰلك بشتىٰ الوسائل من فتاوىٰ وتآليف وبحوث ودراسات ورسائل عملية، وقد قامت من قبلُ بينهم والداعين إلىٰ الاهتمام بهٰذه الآثار الشّريفة معركةٌ علميةٌ حاميةُ الوَطِيس، دارت رَحاها في مقالات نُشرت في صفحات الجرائد المختلفة، ثم نشطت همَّة الدكتور عمرَ كَامل فجمع هٰذه المقالات كلَّها في صَعيدٍ واحد في كتابه القيِّم (لَا ذرائعَ لهدْم آثارِ النُّبوة)، وقد بذل فيه الدَّاعون إلىٰ إحياء هٰذه الآثار وضرورة الحفاظ عليْها من سَعة الصّدر للمُخالف أضعافَ أضعاف ما يبذله الواحدُ منَّا للمُوافِق ولم يقولوا إلا الحسنىٰ([24]).
أثر المنهج غير الأزهري في التعامل مع الآثار النبوية علىٰ المجتمع:
كَان من الأثر السيئ الّذي أحْدثه هٰذا المنهجُ في المجْتمع أن هُجرت هٰذه الآثارُ من قِبل فئة كَبيرة من النَّاس بعْد أن كَانت مقصدًا لهم، وما علىٰ القارِئ الكَريم إلَّا مطالعة كُتب الرحالات الَّتي صنَّفها الرحالةُ عبر العصور في رحلاتهم ومشاهداتهم في مختلف البلدان الَّتي زاروها، ليقِف علىٰ مدىٰ عناية هٰؤلاء وحرصهم علىٰ مُشاهدة الآثار النبوية، بلْ ووصفها بدقّة، ويطالع كُتب المؤرخين ليرىٰ ما سطّروه لنا من تقرب العُلماء والحكَّام وعموم الناس إلىٰ الله بالحفاظ علىٰ هٰذه الآثار خاصةً في أوقات المِحن، الَّتي لمْ تسلم حياةُ الناس منها في زمان من الأزمِنة، ثم فليُقارن بيْن ذٰلك وحال النّاس مع هٰذه الآثار في زماننا، والَّذي يكْفي في بيانه عدمُ وجود دعوة واحدة للاهْتمام بهٰذه الآثار مع ما يترتب عليْه من التعَلُّق بالجناب النبويِّ الشريف واقتفاءِ سُنَّتِه في وقتٍ ضرب العالمَ كلَّه الوباءُ الخطير كوفيد 19([25]).
وقد أفضىٰ هذا الجفاءُ والإهمال إلىٰ حرمانِ الناس منها، حتىٰ إنَّ الآثار الَّتي مازالت تلقىٰ الاحترامَ والتقدير، اقتصر فتحُها أمامَ الناس علىٰ فئات بعينها، ولم يقف الأمرُ عند هذا الحدِّ، بل تعدىٰ إلى رمي الناس بعضهم بعضًا بما توعد الله تعالىٰ به عبادَه الطَّالحين بعَدم مغْفرته؛ حيثُ قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدِ افتَرىٰ إِثمًا عَظيمًا﴾ [النساء:48]، ومعلومٌ ما يترتب علىٰ الاتهام بالشِّرك من إباحة الدمَاء المعْصُومة الَّتي حرَّم الله سفْكَها إلَّا بالحقِّ؛ فسبحان الله، أيُّ منهج هٰذا الَّذي يهدم، ثم يُكَفِّر، ثُمَّ يذهب باتباعه إلىٰ القتل؟!.
هذا فضلًا عن التهكم علىٰ الصالحين من العلماءِ المتبركينَ بهٰذه الآثار، كَما حدث مع سيدي الحبيب علي الجفري والشيخ أسامة الأزهريّ بعد مسألة الإذن بالذِّكر، بإخراج بعض الصُّور الملتقطة لهما، يقبلانِ سيفَ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الموجودَ في مسجد موْلَانا الحُسين، في محاولة إظهارهما في مظهر الدّجَّال المروج للخُرافة، وحاشَاهما.
ورحماتُ ربي علىٰ العلَّامة النبويِّ جبر سِراج، حيْث قال في خاتمة كتابه عَن آثار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "قدْ لا يسْلمُ المحِبّون للمُصطفىٰ صلى الله عليه وآله وسلم المتبرِّكُون بآثارِه الشريفة من اعْتراض المعترِضين بدعْوىٰ الغَيْرة علىٰ العَقيدة، مَعَ أنَّ العقيدةَ السليمةَ تسْتوجبُ مَعَ حُبِّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حُبَّ كُلِّ ما أحبَّه، اقتداءً بأصْحابه الكرام"([26]).
بل والعجب مع انتشار هٰذا الفكر بين الناس، أنَّه مع بداية الاهتمام الحكُومي بهٰذه الآثار النبوية الشريفة، الَّذي أعلن عنه البازُ في خبر وصفه بالانْفراد، فإنَّنا لم نجد لهٰذا الخبر ذيوعًا وانتشارًا في وسائل الإعْلام المختلفة، حيثُ لم ينقله إلا موقعَان هما الدستور وصدىٰ البلد، وبالتالي لَم يجد صدًى في المجتمع أو ينتشر بيْن عُموم النَّاس إلىٰ ساعة كتابة هٰذه السُّطور!.
وتوصي الدراسة - في هذا الوقت الَّذي عادت فيه ثقة الناس في علماءِ الأزهر الشريف بعدما انكشفت أمام أعينهم التياراتُ الأخرىٰ - بإعادة النموذج الأزهريِّ وتفعيله، وذٰلك من خلال الخُطوات الآتية:
· نشر المنهج الأزهري، الذي هو منهج الصحابة، الَّذين هم ألصقُ الناس بالنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وأحرصُهم علىٰ اتباع سُنَّته.
· الاهتمام بالرد علىٰ المخالفين، فإن ما يكتبونه في شأن الآثار النبوية مبثوثٌ وظاهر في كل مكان، بخلاف ما كتبه ويكتبه العلماء الأزهريون؛ وإنَّ كاتب هٰذه السطور قد ذاق الأمَرّين في محاولة بيان الجهود الأزهرية في دراسة الآثار النبوية في أبحاثه التي انقضت والتي لاتزال قيدَ البحث إلىٰ الآن.
· سرعة الاهتمام والعناية بالآثار النبوية المتوفرة وإتاحة عرضها والسماح بزيارتها لعموم الناس.
الخاتمة:
لم يسلك العلماءُ الأزاهرة رضي الله عنهم مسلكًا واحدًا فقط في التعامل مع الآثار النبوية، بلْ أحاطوها بالدراسة والعِناية من كُلِّ جانب، وقد اهتمّت هٰذه الدراسة بواحد من هٰذه المسالك، وهُو الخاصُّ بالتصديق وحُسن الظن في هٰذه الآثار النبوية، وهو المنهج العلميُّ المنضبط عِند علماءِ هذا المعهد العلميّ العريق، الجامع الأزهر الشريف، ولئن شاعت في الأمة مناهجُ أخرىٰ، فإنَّ ما كَان لله بقي، لقوْلِه تعالىٰ في كتابه: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفاءً وَأَمّا ما يَنفَعُ النّاسَ فَيَمكُثُ فِى الأَرضِ كَذٰلِكَ يَضرِبُ اللَّهُ الأَمثالَ﴾ [الرعد: آية 17].
[1]) وللباحث كبيرُ عناية بما صنَّفه العلماء الأزاهرة في الآثار النبوية، وقد صدرت له دراسة بعُنوان "الجهود الأزهرية في دراسة الآثار النبوية"، نشرتها مجلة الإسلام وطن الصادرة عن الطريقة العزمية الصوفية، السنة 35، الأعداد 413: 415، محرم: ربيع الأول 1442هـ.
[2]) وقد تمت دراسة هٰذا المسلك في بحث أعدَّه راقمُ هٰذه السُّطور، وهو منشورٌ في العدد 55 الصادر عن الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، الخاصِّ بمناسبة اختيار منظمة الإيسيسكو مدينةَ القاهرة عاصمةً للثقافة الإسلامية في عام 2020م، وعُنوان البحث "العلامة أحمد بن العجمي الأزهريُّ ودورُه في تمحيص آثارِ الأقدام المنسوبة للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم".
[3]) ولهٰذا المسلَك سَبْحٌ آخر في بحْث قيْد الدِّراسة، عُنوانُه "فقْهُ العلَّامة الإمام علي جُمعة في الآثار النبويَّة الشريفة .. بالتطبيق علىٰ تصاويرِها في المخْطوطَات الإسلَاميَّة".
[4]) المقريزي (تقي الدين أحمد بن علي، ت 845هـ): السّلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق محمد عبد القادر عطا، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، 1418هـ - 1997م، ج6، ص 100.
[5]) حسن قاسم: المزارات الإسلامية والآثار العربية في مصر والقاهرة المعزية، تحقيق حسام عبد الباسط، مكتبة الإسكندرية، مصر، 2018م، ج2، ص273.
[6]) حسن محمد قاسم: ذكرىٰ مصْرع الحسين عليه السلام، ط1، (د.ن)، 1933م، ص65؛ وعبد المجيد محمود الحنَّاوي: حبيب الجهاد الإمام الحسين رضي الله عنه، ط1، مطبعة أحمد علي مخيمر، القاهرة، 1951م، ص101.
[7]) وهو من عُلماءِ الأزهر الشريف المجاورين في المدينة المنورة، وقد كان حيًّا في سنة 1340هـ؛ انظر ترجمته عِند أسامة الأزهريّ: جمهرة أعلام الأزهر الشريف في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين، مكتبة الإسكندرية، مصر، 2019م، ج3، ص247.
[8]) هٰذا وينبغي عليَّ أن أُشير إلىٰ وجود عدد من العلماء غير الأزهريين دراسةً لكنهم أزهريون منهجًا، علىٰ الأقل في مثل هٰذه المسائل، ومنهم فضيلة الشيخ أبي مجاهد القارئ، حيث اعتبر أنَّ المقتنياتِ المنسوبةَ للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لا يُشترط فيها العلمُ القطعيُّ بثبوت اتصال الأثر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل يكفي لثبوتها الظنُّ الراجحُ، وقد أيَّد القارئ دعواه هٰذه بما ثبت عن الإمام أحمدَ بن حنبل من تبركه بالشعرات النبوية من غير أن يتوافر له الدليل القاطعُ بأنها من شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ وقد حاول المدخليُّ في كتابه الذي ألَّفه ردًّا علىٰ القارئ أن يُبرِّر فعلَ الإمام أحمدَ بحُسن الظن فيه وأنَّ أسانيد هٰذه الشعرات كَانت عِنده، وساق للإمامِ أسانيدَ ثلاثية لأحاديث نبوية شريفة؛ وأقول: الأمرُ ليس كذٰلك، إذ لو كانت لهٰذه الشعرات الشريفة عند الإمام نفسُ منهجية التعامل مع الأحاديث، لكَان بين يديه سندُها، ولو كَان بين يديه سندُها، لأظهره لنا وتركَه من بعْده، كَما خلَّف أسانيدَ الأحاديث الَّتي وعاها وحملها صدرُه وساقها لنا المدخليُّ! لاسيما وأنهم كَانوا يحرصون غاية الحرص علىٰ الترفُّع عَن مواطن ومواضع الشُّبَه؛ انظر عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ (دكتور): الآثار النبوية بالمدينة المنورة .. وجوب المحافظة عليها وجواز التبرك بها، (د.ن)، المدينة النبوية، 1427هـ، ص12؛ وربيع بن هادي عُمير المدخلي: براءة الصحابة الأخيار من التبرك بالأماكن والآثار، ط1، دار الآثار، القاهرة، 2007م، ص34.
[9]) انظر: فيديو علىٰ الشبكة للشيخ أسامةَ الأزهريِّ عن الآثار النبوية في المجلس الأول من مجالس قراءة كتاب الشَّمائل المحمدية للإمام الترمذي، بالجامع الأزهر الشريف، عام 2011م.
[10]) فيديو منشور علىٰ قناة الشيخ علىٰ اليوتيوب بتاريخ 28 يونيو 2015م بعُنوان (الآثار النبوية الشريفة).
[11]) الكتابُ قيد الدّراسة، يسَّر الله إتمامَه.
[12]) أحمد تيمور باشا: الآثار النبوية، مطبعة دار الكتاب العربي، القاهرة، 1951م، ص130.
[13]) ابن إياس (محمَّد بن أحمَد، ت 930هـ): بدائع الزهور في وقائع الدهور، حقَّقها محمَّد مُصطفىٰ، مكتبة دار الباز، مكَّة المكرمة، ج1، ق2، ص114.
[14]) علي باشا مبارك: الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة، ط1، المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق مصر، 1305هـ، ج5، ص61؛ والسيد محمود الببلاوي: التاريخ الحسيني، ط1، مطبعة التقدم العلمية بدرب الدليل بمصر المحمية، 1324هـ، ص39.
[15]) عبد المجيد محمود الحنَّاوي: حبيب الجهاد الإمام الحسين رضي الله عنه، ص101 و103.
[16]) راجع، دندراوي الهواري: الآثار النبوية في خطر، جريدة الجيل، 14 يوليو 2002م؛ وناصر محمد: آثار النبي من سيدنا الحسين إلى توب كابي، جريدة صوت الأمة، 2 ديسمبر 2002م؛ ورانيا حفني: قاعة الآثار النبوية بالمسجد الحسيني، جريدة الأهرام، 4 نوفمبر 2004م؛ وحسن علام: مقتنيات النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحسين .. ممنوع الاقتراب!، مجلة آخر ساعة، 31 ديسمبر 2014م.
[17]) وغير خاف علىٰ أحد تأثرُ رأس الحكومة المصرية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بعلماءِ الأزهر الشريف، كما صرَّح بنفسه بما شكّلته دروسُ الشيخ صادق العَدويّ في الأزْهر والشيخ الشعراويّ في الحسين في شخصيته وتكوينه الفكْري، هٰذا فضلًا عن عنايته البالغة بالمؤسسة الأزهرية ونعته لها بالوسطية والاعتدال في المحافل الدولية، كَما حدث في زيارته التاريخية لفرنسا نهاية العام قبل الماضي، وقد علَّق شيخُنا الدكتور أسامةُ الأزهريُّ علىٰ صورة انجذاب فخامة الرئيس إلى موسوعته جمهرة أعلام الأزهر الشريف أثناء تفقده أكبرَ مدينة فنية وثقافية بالشرق الأوسط بالعاصمة الإدارية الجديدة في 16 نوفمبر 2020م، فقال: "أرى من خلالها اهتمامًا كبيرًا يوليه سيادة الرئيس ليس لشخصي أنا ولا لكتابي الذي ألفتُه، بل للمؤسسة التي ألفت الكتابَ عنها. هٰذه اللمحة مؤشر كبير علىٰ شدة اهتمام السيد الرئيس بالأزهر الشريف وتاريخه وعلمائه ومستقبله" حلقة برنامج مساء dmc مع الإعلامي رامي رضوان علىٰ قناة dmc الفضائية يوم الأربعاء 18 نوفمبر 2020م.
[18]) أحمد عبد العزيز: الباز يكشف "مُتحف جديد بالعاصمة الإدارية يضم الآثار النبوية ومقتنيات نجوم دولة التلاوة"، موقع جريدة الدستور، 27 يونيو 2021م. وقد استمعت بنفسي إلى الإعلامي محمد الباز وهو يزف هٰذه البشرىٰ الطيبة في برنامجه آخر النهار المذاع علىٰ قناة النهار الفضائية حلقة يوم الأحد 27 يونيو 2021م.
[19]) وهٰذا ديدنهم في التعامل مع سائر ما يُروىٰ، مع ما هو معلوم من عدم عناية المسلمين بأسانيد الروايات التاريخية قدر عنايتهم بالحديث الشريف؛ قال المحقق الدكتور بشار معروف: "علىٰ أن الإسناد في التاريخ لم يبلغ ما بلغه في الحديثُ، إذ نرى في بعض الأحيان تساهلًا في الأسانيد ورواتها؛ فالطبري مثلًا يقبل رواية الضعفاء عند المحدثين مثل محمد بن السائب الكلبي وابنه هشام بن الكلبي وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي .. وقد قبل الأئمة من المسلمين تاريخ أبي معشر المدني لكنهم ضعفوه في الحديث، إذ كان ينفرد بأحاديث أمسك الشافعي عن الرواية عنه، والأمثلة علىٰ ذٰلك كثيرة جدًا .. ومن ثَمَّ وجب لهٰذا عدم اعتبار الإسناد هو الحكم الأول والأخير في صحة المرويات في كتب التاريخ والأدب وغيرها"؛ بشار عواد معروف: مظاهر تأثير علم الحديث في علم التاريخ عند المسلمين، مجلة الأقلام، السنة الأولى، شعبان 1384هـ، ج5، ص27. وها هو الواقدي يقول عنه الذهبي في الكاشف (2/ 205): "متروك"، وفي المغني في الضعفاء (2/ 619) يقول: "مجمع علىٰ تركه"، ثم إذا هو يقول عنه في ميزان الاعتدال (3/ 663): "كان إلى حفظه المنتهى في الأخبار والسير، والمغازي والحوادث وأيام الناس، والفقه، وغير ذٰلك".
[20]) راجع بحثي الذي سبقت الإشارة إليه (العلامة أحمد بن العجمي الأزهري ودوره في تمحيص آثار الأقدام المنسوبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم) وقارن بين منهج المُحدِّث ابن العجمي الأزهري في حكمه علىٰ الآثار النبوية من حيث عدمُ الاكتفاء بالنقول وإجراءُ الدراسة الميدانية ومعاينةُ الآثار محل الدراسة علىٰ الطبيعة، وهٰذا المنهج غير الأزهري وغير المنضبط الذي لا يُكلِّف نفسَه عناءَ البحث العلمي حتىٰ فيما توفر من الأسانيد!!، ثم انظر ماذا ترى؟.
[21]) فعن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضي الله عنها قالت: "تُوفي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ودِرْعُه مَرْهُونة عِند يهوديٍّ بثلاثينَ صاعًا مِن شَعيرٍ"؛ رواه البخاريُّ.
[22]) قال الألبانيُّ في كتابه التوسل: "هٰذا ولا بد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وآله وسلم ولا ننكره خلافاً لما يوهمه صنيعُ خصومنا، ولكن لهٰذا التبرك شروط، منها الإيمان الشرعي المقبول عند الله، فمن لم يكن مسلمًا صادق الإسلام فلن يحقق الله له أيَ خير بتبركه هٰذا، كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلًا علىٰ أثرٍ من آثاره صلى الله عليه وآله وسلم ويستعمله، ونحن نعلم أن آثاره من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها علىٰ وجه القطع واليقين"؛ محمد ناصر الدين الألباني: التوسل .. أنواعه وأحكامه، ط3، المكتب الإسلامي، بيروت، (د.ت)، ص145. وانظر عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ (دكتور): الرد علىٰ السَّقَّاف في مسألة التبرك بالآثار النبوية المكانية، (د.ن)، المدينة المنورة، 1428هـ، ص17.
[23]) قال المدخليُّ: "صحيح أن الصحابة – رضوان الله عليهم – كانوا يتبركون بشعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريقه وعرقه ووضوئه، وهٰذه قد انتهت بوفاته – عليه الصلاة والسلام - فلا وجود لها، أمَّا تتبع آثاره فلم يحفظ عن صحابته الكرام والخلفاء الراشدين تتبع آثاره والأماكن التي صلى فيها"؛ ربيع بن هادي عُمير المدخلي: براءة الصحابة الأخيار من التبرك بالأماكن والآثار، ص31.
[24]) عمر عبد الله كامل (دكتور) وآخرون: لا ذرائع لهدم آثار النبوة .. مقالات وردود بين المؤيدين والمعارضين، ط1، بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، بيروت – لبنان، 2003م.
[25]) كوفيد 19 هو الاسم العلميُّ الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية علىٰ المرض الذي يسببه فيروس كورونا المستَجِدُّ؛ فـ (Co) إشارة لـ "كورونا Corona"، و(vi) إشارة لـ "فيروس virus"، و(d) إشارة لكلمة مرض باللغة الإنجليزية "disease"، و(19) إشارة للسنة التي ظهر فيها هٰذا الفيروس، وهي سنة "2019م".
[26]) النبوي جبر سراج: آثار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومخلفاتُه الشريفة، المكتبة التوفيقيّة، القاهرة، (د.ت)، ص170.