
النعال النبوية الشريفة
د. عمر محمد شريفألَّف العلامة الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد المَقَّرِي التلمساني المالكي (ت ١٠٤١هـ) كتاب "فتح المتعال في مدح النعال" وجمَع فيه كل ما يتعلق بنعال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من حديث ولغة، وشعر، وسيرة، وتاريخ، ووصف للنعال، كما أرفق رسوماً للنعال الشريفة والتي يتداولها الناس حتى يومنا هذا.
فَرِغَ الإمام المقري من مُسَودة كتابه في شهر شوال سنة ١٠٣٠هـ بالقاهرة، ثم ألحق بها زيادات بعد هذا التاريخ، وكتب النسخة المزيدة بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، حيث قال:
"حُرِّرت هذه النسخة بالمدينة المنورة، بين القبر الشريف، والمنبر، بالروضة السامية، تجاه الرأس الشريف، لصق شباك الحجرة المعظمة النبوية، في الناحية التي تليها سارية التوبة، في الصف الذي فوق باب الحجرة النبوية، المعروف بباب الوفود، وكان ابتداء ذلك يوم الثلاث غرة رمضان من عام ثلاثة وثلاثين وألف، وانتهاؤه يوم الثلاث الخامس عشر من الشهر المذكور، وكنت أكتب كل يوم من وقت الضحى إلى الظهر، فكَمُلت ولله الحمد والمنة على هذه الصفة في نصف شهر".
سبقت كتاب "فتح المتعال" مؤلفات عن النعال الشريفة لكنها ليست في درجة أهميته، ويذكر الإمام المقري أنه وقف على كراسـة لبعض المغاربة السبتيين مشتملة على مُقَطَّعـات تقرب من الثلاثين، مرتبة على حروف المعجم، نقل منها في كتابه.
ومن المؤلفات عن النعال النبوية كتاب "نور العينين في تحقيق النعلين" للقاضي أبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي المغربي السبتي المالكي (ت٥٠٥هـ).
كما أن للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم السلمي الأندلسي الشهير بابن الحاج تأليفًا في النعال النبوية، لكن هذا الكتاب لم يصلنا، ولا يُعلم عنوانه.
وألَّف الحافظ ابن عساكر (ت ٦٨٦ هـ) رسالة صغيرة عنوانها: "مثال نعال النبي صلى الله عليه وسلم" وأورد فيها قصيدة من نظمه، ومقطوعتين مما أنشده ابن الحاج الأندلسي.
وللإمام الحافظ مسند خراسان أبي روح عبد المعز بن محمد الهروي (ت618هـ) كتاب بعنوان "تمثال نعلي النبي صلى الله عليه وسلم".
وللإمام الحافظ أبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الحميري الكلاعي البلنسي المعروف بابن سالم الأندلسي (ت٦٣٤هـ) رسالة بعنوان "نتيجة الحب الصميم وزكاة المنثور والمنظوم"، وصفها ابن عبد الملك المراكشي في "الذيل والتكملة" بكراسة تحتوي على نظم ونثر في مثال النعل النبوية.
وألَّف شيخ الإسلام أحمد بن محمد بن أبي بكر الفارقي كتاباً بعنوان "صفة نعل النبي صلى الله عليه وسلم"، فرغ منه سنة 683هـ بالحرم الشريف بمكة المكرمة.
ومن الكتب التي لم يذكرها الإمام المقري كتاب ألَّفه المحدث الفقيه عبد الله بن محمد بن هارون الطائي الأندلسي (ت ٧٠٢هـ) بعنوان "اللآلئ المجموعة من باهر النظام وبارع الكلام في وصف مثال نعلي رسول الله عليه الصلاة والسلام"، يحتوي على مجموعة من الأشعار تصف نعلي النبي، وسبب تأليفه على ما قال أنه سُئل نظم أبيات تُكتب على النعل النبوية فكتب في ذلك قطعة، وندب أدباء قُطرِه الأندلسي لذلك فأجابوا، وجملة ما فيه من المقطعات ما ينيف على 130 بين صغيرة وكبيرة.
وقد رأى الكاتب بمكة العلامة أبا سالم عبد الله بن محمد العياشي (ت1090هـ) وأضاف في رحلته أن الإمام المقري لم يطلع على هذا التأليف مع سعة حفظه وكثرة اطلاعه ومبالغته في التنقير والتفتيش عما قيل في النعل، ولم يطلع لمن قبل عصره إلا على عدد أقل من هذا بكثير، وغالب ما أودعه في كتابه " فتح المتعال" كلامه وكلام أهل عصره، ولو اطلع على هذا الكتاب لاغتبط به كثيراً.انتهى.
كما كتب شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني (ت٨٠٥هـ) كتاباً اعتمد فيه على كتاب الحافظ ابن عساكر، ولم يزد على ما ذكره إلا قليلاً، وسماه "خدمة نعل القدم المحمدي"، وهو في سبعة أوراق.
وللإمام الحافظ جلال الدين السيوطي (ت911هـ) رسالة بعنوان "خادم النعل الشريف" وقفت على نسخة منها بفهرس مكتبة برلين، ومن المؤلفات رسالة "الصفا في وصف نعال المصطفى" لأحمد بن سليمان بن كمال باشا (ت940هـ).
تاريخ النعال الشريفة
النعل التي كانت عند السيدة عائشة رضي الله عنها:
ذكر العلامة ابن عبد الملك المراكشي في "الذيل والتكملة" أنها صارت لإسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي، وسبب ذلك على ما رواه عن الثقات أنها كانت عند السيدة عائشة ثم صارت من قبلها إلى أختها أم كلثوم بنت سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وكانت أم كلثوم تحت طلحة بن عبيد الله، فلما قُتل يوم الجمل خلفه عليها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي، وهو جد إسماعيل المذكور الذي كانت عنده النعل.
نعل كانت بالمدينة المنورة:
ذكر ابن عبد الملك المراكشي نعلًا أخرى كانت بالمدينة عند فاطمة بنت عبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
زوج نعل كانتا في حوزة الصحابي شداد بن أوس رضي الله عنه:
في "تاريخ دمشق" و"سير أعلام النبلاء" أن انتقل زوج النعل من بعد وفاة الصحابي شداد بن أوس إلى ابنه محمد بن شداد، وبعد الزلزال الذي ضرب الشام سنة 130هـ جاءت أخته خزرج بنت شداد ورأت ما نزل به وبأهله، وأنه لم يبق منهم أحد على قيد الحياة، فأخذت أحد النعلين، فلما قدم الخليفة المهدي إلى بيت المقدس جاءته خزرج بنت شداد وعرفته بنسبها، وأعطته النَّعل، فقبلها منها وأعطاها ألف دينار، ثم بعث إلى محمد بن شداد فأتي به فحمل على أيدي الرجال للمرض الذي أصابه بعد تهدم منزله عليه بسبب الزلزال، وطلب منه النعل الآخر، فبكى، وناشده بَقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يفرق بينه وبينه، فرق له المهدي، ولم يأخذها منه.
نعل كانت بالأشرفية بدمشق:
أشار إليها ابن كثير في "البداية والنهاية"، وسبط ابن الجوزي في "مرآة الزمان"، وكانت النعل عند بني أبي الحديد يتوارثونها، ثم صارت للملك الأشرف موسى بن العادل الأيوبي، فجعلها في دار الحديث الأشرفية التي أنشأها بدمشق.
وذكر الإمام المقري أن هذه النعل الشريفة كانت عند أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها مما تركه النبي صلى الله عليه وسلم، فتوارثها ورثتُها من بعدها إلى أن وصلت إلى بني أبي الحديد.
وقد تبرك بها الحافظ محمد بن رشيد الفهري المغربي السبتي المالكي حيث ذكر في رحلته المسماة "ملء العيبة مما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة" أنه قصد زيارة هذه النعل بالمدرسة الأشرفية المذكورة للتبرك بها والاستشفاء من مرض أصابه فوجد بركتها.
وللإمام المحدث الرحال أبي عبد الله محمّد بن جابر الوادي آش أبيات نظمها بدار الحديث الأشرفية، وقد رأى فيها تمثال نعل النبي صلى الله عليه وسلم فَقَبَّله، وقال:
دار الحديث الأشرفية للشفا ... فيها رأت عيناي نعل المصطفى
ولثمته حتى قنعت وقلت: يا ... نفس انعمي أكفاك؟ قالت لي: كفى
لله أوقات وصلتُ بهــــا المنى ... من بعد طيبة ما أجل وأشرفا
ويذكر الإمام المقري أن فردة واحدة كانت بالأشرفية، والفردة الثانية في المدرسة الدماغية في دمشق، وذهبتا في وقعة تيمورلنك عندما غزا دمشق.
قطعة كانت عند القاضي عبد الباسط:
ذكرها المؤرخ تقي الدين المقريزي في "السلوك"، وذكر أن السلطان المملوكي سيف الدين جقمق لما غضب على القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم الدمشقي ثم القاهري (ت854هـ)، وأمر بجعله في البرج دخل عليه والي القاهرة وأمره أن يخلع جميع ما عليه من الثياب، فإنه نقل للسلطان أن معه اسم الله الأعظم، ولذلك كان كلما همَّ بعقوبته صرفه الله عنه، فخلع جميع ما كان عليه من الثياب والعمامة، ومضى بها إلى الوالي وبما في أصابع يديه من الخواتم، فوجد في عمامته قطعة أديم، ذكر لما سئل عنها أنها من نعل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم.
وعلَّق الإمام المقري قائلاً لعلها كانت من التي بالأشرفية بالشام، وكان لهذا القاضي الجاه العريض والتصرف في مملكة الإسلام بمصر والشام وما يليهما، فلا يبعُد أن يحصل له ذلك منها أو من غيرها من النعال النبوية التي كانت يتوارثها من خصَّه الله بها، والله أعلم.
النعل التي كانت عند سلطان المغرب أحمد المنصور الذهبي الحسني:
يقال أنها كانت محفوظة عند والدته الحرة مسعودة الوزكيتية، حيث ذكر ذلك البوسعيدي في تأليفه "يمن النوال، في وصف النعال"، والذي نقل عنه الشيخ محمد بن عبد القادر الفاسي في كناشة أكثرها بخطه، وقد وقف على الكناشة الفقيه المنوني بمكتبة محمد بن بوبكر التطواني.
ذكر البوسعيدي في تأليفه صوراً لمثال النعال الكريمة، إحداها المصورة في بعض نسخ السيرة لعبد الرحيم العراقي، والأخرى المقيسة على التي كانت عند السعديين ابتداء من السلطان المنصور الذهبي.
ويضيف البوسعيدي عن النعل التي يقال أنها كانت عند المنصور: وقد سألت هل بقيت بأيديهم إلى الآن (وذلك في أواسط العقد الثاني من القرن الحادي عشر) فقيل لي: ولعلهم بعثوها في بعض الهدايا، فالله تعالى أعلم، وهذه الرواية أقرب عهدًا وصحة بحمد الله، لكن على تسليم صحة الأصل الذي بيد السلطان رحمه الله تعالى، وقد كنت حذوت على الحذو الذي حذا عليها فحيل بيني وبينه بالسفر والانتقال من بلد إلى آخر، وما هنا - يعنى في تأليفه المنقول عنه - إنما هو بالتقريب على ما تعلق بالمحفوظ منها.انتهى.
وقد وقفتُ على ذكر للنعل التي يقال إنها كانت عن السلطان الذهبي في آخر نسخة مخطوطة من "مختصر فتح المتعال في وصف النعال" محفوظة بمكتبة جامعة ليدن بهولندا، حيث أورد الناسخ ويُدعى عبد الله منصور بن عبد الواحد السوسي رسم المثال الشريف الذي كان عند السلطان الذهبي، وذكر أن السلطان وجده عند الشرفاء الصقليين بفاس حيث ذكر الشرفاء للسلطان أنهم يمتلكون نعل جدهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم موروثةً عندهم من قديم الزمان، فأخذه منهم المنصور، ولما توفي وجد في خزانته فأخذت منها النسخ التي عند الناس بحسب رواية الناسخ السوسي، والله أعلم.
والمعروف أن النعل التي كانت بحوزة الشرفاء الطاهريين أخذها السلطان العلوي إسماعيل بن الشريف الحسني (ت1139هـ) وذلك سنة 1114هـ بحسب المؤرخ محمد بن الطيب القادري (ت1187هـ) في كتابه "نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني".
النعل الشريفة التي بدار الشرفاء الطاهريين الصقليين الحسينيين بالمغرب:
هذه النعل كانت بمدينة فاس عند الشرفاء بني طاهر الصقليين من ذرية الإمام الحسين رضي الله عنه، وعُرفوا بالصقلي نسبة لمسكن أجدادهم جزيرة صقلية والتي هاجروا منها إلى فاس.
وذكر العلامة محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني الحسني في كتابه "سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أُقبر من العلماء والصلحاء بفاس" أن من مزارات حومة الجزيرة بمدينة فاس دار الشرفاء الطاهريين الصقليين التي بدرب أبي بكر، وهي الأولى عن يمين الداخل إليه من جهة مصمودة لأن بها الآن نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريفة التي كان يلبسها في رجله الشريفة بعينها وذاتها.
وفي تأليف للشيخ عبد الواحد بن محمد الفاسي في الأنساب الصقلية سماه "غاية الأمنية وارتقاء الرتب العلية في ذكر الأنساب الصقلية ذات الأنوار البهية السنية"، لَما تعرض لذكر بني طاهر عقب الشريف أبي العباس أحمد بن علي المتوفى سنة 1093هـ ما نصه:
"وسيدي أحمد بن علي المذكور هو الذي كان حائزًا بداره التي بدرب الدرج من عدوة فاس الأندلس للنعلين الكريمتين اللتين لبسهما جده مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدميه الشريفتين كما شاع خبرهما منذ أعوام، ولهج بذكرهما الخاص والعام، أعاد الله علينا من بركتهما آمين".
وذكر الشيخ عبد الواحد في نفس الكتاب أن وقع بفاس قحط شديد عام 1091هـ، فخرج الناس للاستسقاء، وأقاموا سنة الاستسقاء مراراً على كل باب، وطال الأمر ولم يُسقَوا، وقنط الناس، فنصحهم الشيخ عبد القادر الفاسي بإخراج عترة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتوسل بهم، كما توسل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعم النبي سيدنا العباس رضي الله عنه، ففعل الناس ذلك، ولجأوا إلى آل البيت، وخرج جموع الأشراف، وأخرجوا النعال الشريفة، وأقيمت سنة الاستسقاء، وتوسل الخطيب في خطبته، فقال: "المطر بجاه النبي وسلم وبعترته الأكرمين"، فضجت الناس بالبكاء والابتهال إلى الله، وبالتوسل بعترة نبيه، وكان يوماً مشهوداً، فسقاهم الله المطر الغزير.
وقد رآها وتبرك بها جماعة من أعيان العلماء سنة 1067هـ، منهم الشيخ أبو زيد عبد الرحمن بن أبي محمد عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي، وممن عاينها وتبرك بها من المتأخرين شيخ الجماعة أبو عبد الله سيدي محمد التاودي بن سودة المري، وفي ذلك يقول:
دار بمصمودة المكارم والوفا
فيها رأت عيناي نعل المصطفى
ولثمتُها حتى شبعتُ وقلت يا
نفسي أنعمي أكفاك؟ قالت لي كفى
قال الشيخ التاودي في حاشيته على البخاري في باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الأشربة ما نصه: "وقد منَّ الله عليَّ مع حقارتي وضعف تعلقي بالسنة والحديث بأني رأيت فردًا من نعل النبي صلى الله عليه وسلم ومسحتُ به وجهي وعيني، وذلك في العشرة الأخيرة من المائة الثانية عشرة، وهذه النعل بدار الأشراف الطاهريين بعدوة الأندلس قرب مصمودة هناك معروف جدهم بصاحب النعال، وكان السلطان مولاي إسماعيل جبر علىّ أخذها فأعطوه واحدة وكتموا الأخرى فلهذا لا يطلعون عليها أحدًا، وهي عندهم في ربيعة في صندوق في مكان معظم محترم، ورأيت حوله خط واحد من العلماء ممن أدركته لا غير، وكتبت حوله فلله الحمد والمنة. انتهى.
كما ذكر صاحب "نشر المثاني" قضية جبر السلطان المذكور على أخذها حيث قال فيه ما نصه: وفي عام 1114هـ شدد في المغرم على أهل فاس السلطان المنصور بالله مولانا إسماعيل ابن الشريف الحسني فطلب أهل فاس من الشرفاء الطاهريين أن يعطوهم النعل النبوية يستشفعون بها للسلطان، فحملها بعض الشرفاء المذكورين، وساروا إلى السلطان فأحضروها بين يديه ودفعوها له بمكناسة، فعفا عن أهل فاس في تلك القضية، وأخذ السلطان النعل وأدخلها لداره بقصد التبرك، وبنى قبة بداره معلومة إلى الآن تسمى قبة النعال، ووضع فيها النعل في كوم، وبقيت النعل عند السلطان مدة حياته ولا أدري ما وقع بها بعد وفاته. انتهى.
وللفقيه العلامة عبد السلام بن محمد الطيب بن عبدالرحمن الشرفي (ت1348هـ) تأليف بعنوان "نيل الآمال في زيارة أشرف النعال"، وهي منظومة له في التأريخ لزيارة النعال النبوية التي عند الشرفاء الطاهريين الصقليين بفاس سنة ١٣٣٤هـ، وقد كان من جملة الأعيان الذين كانوا في هذه الزيارة المباركة قاضي الجماعة سيدي محمد بن رشيد العراقي، وسيدي محمد بن علال الوزاني اليملاحي، والحافظ السيد محمد عبد الحي الكتاني وغيرهما، ويبدو أن النعل كانت عند الشريف محمد بن عبد السلام الطاهري الصقلي زمن الزيارة.
وللشيخ أبي عبد الله محمد بن الحسن الحجوي تأليف بعنوان "تقييد في النعال الشريفة التي عند الشرفاء الصقليين الحسينيين المعروفين بالطاهريين التي بحومة العدوة بفاس".
وأشار لهذه النعل بفاس الشيخ محمد طاهر بن عبد القادر بن محمود الكردي المكي الخطاط في كتابه "تبرك الصحابة بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم" حيث ذكر أن فردة من نعل النبي صلى الله عليه وسلم توجد اليوم بعدوة فاس الأندلس، ورآها السيد عبد العزيز ابن أبي القاسم بن مسعود الدباغ الإمام والخطيب بمسجد الباشا بجدة، حين كان موجوداً بمدينة فاس بالمغرب في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وألف، حيث ذكر الدباغ أنه رأى فردة واحدة من نفس نعل النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة بين لوحين من الزجاج السميك في منزل أحد فضلاء فاس، أما الفردة الأخرى من النعل الشريفة فقد أخذها منهم بعض السلاطين، وقد طلب الدباغ من صاحب المنزل أن يأذن له بأخذ قياس النعل الشريفة على ورق سميك، وبكتابة ما حولها فأذن له بذلك.
النعال النبوية والفن الإسلامي:
ارتطبت النعال الشريفة بالفن الإسلامي فاستخدمت رسوم النعال كنعصر زخرفي في العمائر الجنائزية، كما صنعت حلى النساء على شكل هذه النعال من باب التبرك، كما وضعت صور النعال في المنازل، كذلك اشتملت مخطوطات السيرة النبوية وكتب أهل التصوف مثل كتب الأوراد والأذكار والمديح النبوي على رأسها كتاب "دلائل الخيرات" للإمام الجزولي على رسوم النعال.
وقد كتب الدكتور محمد علي عبد الحفيظ بحثاً بعنوان "النعال النبوية بين السيرة والتاريخ والفن" ذكر فيه أنه يوجد بمتحف رشيد القومي في مصر تجميعتان من البلاطات الخزفية يرجع صناعتهما للقرن الثاني عشر الهجري تضم كل منهما رسوم النعال، كما وجدت رسوم النعال على بعض أعمل الخزف التي أنتجها الخزافون المغاربة في مصر خلال العصر العثماني.
كما استخدمت رسوم النعال على تراكيب وشواهد القبور، وأشهر الأمثلة التركيبة الرخامية بمدفن الأمير عبد الرحمن كتخدا بالجامع الأزهر حيث استخدمت النعال النبوية لزخرفة تركيبة القبر.
وقد أمدتني الكاتبة الباحثة سارة حسن بعديد الصور لشواهد قبور بالقرافة بالقاهرة زينت برسوم النعال النبوية، مما يعكس تقديس المصريين للآثار النبوية الشريفة.
المصادر والمراجع:
-ابن عساكر، تاريخ دمشق.
-ابن كثير، البداية والنهاية.
-أحمد بن محمد المقري، فتح المتعال في مدح النعال.
-أحمد بن محمد المقري، أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض.
-أحمد بن محمد المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب.
-أحمد تيمور، الآثار النبوية، مكتبة دار الكتاب العربي.
-الطالب بن أبي الفيض حمدون بن الحاج السلمي، نظم الدرر والآل في شرفاء عقبة ابن صوال، تحقيق د.علي بن المنتصر الكتاني، منشورات جمعية الشرفاء الكتانيين للتعاون والثقافة، الطبعة الأولى، 2000م.
- خالد بن محمد مختار البداوي السباعي الحسني، تاريخ المكتبة الكتانية لمالكها الإمام محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، دار الحديث الكتانية.
- عبد السلام بن محمد الطيب بن عبدالرحمن الشرفي، نيل الآمال في زيارة أشرف النعال.
- عبد الله بن محمد العياشي، الرحلة العياشية.
- محمد المنوني، التصوير بالمغرب الإسلامي في القديم، مجلة دعوة الحق، الرباط، يناير 1971م.
- محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، سير أعلام النبلاء.
- محمد بن الطيب بن عبد السلام الحسني القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني عشر.
- محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني الحسني، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، دار الثقافة، 2004م.
- محمد بن رشيد الفهري السبتي، ملء العيبة مما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة.
- محمد بن محمد بن عبدالملك الأنصاري المراكشي، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، دار الغرب الإسلامي.
- محمد طاهر بن عبدالقادر بن محمود الكردي، تبرك الصحابة بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضله، مكتبة القاهرة.
- محمد عبد الحفيظ خبطة الحسني، صور النعال النبوية بين المشرق والمغرب، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 2014.
- محمد علي عبدالحفيظ، النعال النبوية بين السيرة والفن والتاريخ، مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية، أبريل 2021.
- يوسف بن قزأُوغلي بن عبد الله المعروف بسبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان.