
الروضة الزكية في بعض الأوصاف والخصائص المحمدية (2)
د. حسن عباس زكيسلسلة مقالات مقتطفة من كتابه بنفس العنوان
أوصاف وخصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الجسمية
مشيته
كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا مشى تكفأ تكفؤًا، أي تمايل إلى قدام؛ أى يميل بين يديه من سرعة المشى، كما تتكفأ السفينة في جريها، وكان صلى الله عليه وآله وسلم في مشيته كأنما ينحط من صبب ؛ أى كان يمشى مشيًا قويًّا يرفع رجليه من الأرض رفعًا ثابتًا، لا كمن يمشي اختيالًا وهذه مشية أولي العزم والهيبة والشجاعة وهي أعدل المشيات وأروحها للأعضاء.
وجهه
كان وجهه الشريف بين الاستدارة والإسالة، مسنون الخدين فلم يكن بالمطهم؛ أى المنتفخ الوجه الذى فيه جهامة أى عبوس، ولا بالمكلثم أى المدور الوجه أو القصير الحنك الرابي الجبهة مع كثرة اللحم وكان وجهه أبيض مشربًا بحمرة.
عيناه
كان أدعج العينين، أي شديد سواد حدقتها مع سَعتها وكان أهدب الأشفار، والأشفار جمع شفر وهو جفن العين الذى ينبت عليه الشعر ويقال له الهدب، أى أن شعر أجفانه كثير مستطيل.
صدره الشريف
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجرد أي غير أشعر وهو من عم الشعر بدنه فالأجرد: من لم يعم الشعر بدنه، فيصدق على من فى بعض بدنه شعر كالمسربة، والساعدين والساقين، وقد كان له صلى الله عليه وآله وسلم فى ذلك شعر قليل وقيل أجرد أي ليس فيه غل ولا غش فهو على أصل الفطرة، والمسربة هي الشعر الممتد في وسط عضلات البطن كخط طولي من الصدر حتى السُّرة.
إذا توجه إلى إنسان توجه إليه بجميعه
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا التفت التفت معًا، أى جميعًا يعنى أنه لا يسارق النظر، أو أنه لا يلوي عنقه يمنة أو يسرة إذا نظر إلى الشيء، ولكن يقبل بجسمه جميعه، إظهارًا للاهتمام بشأن من أقبل إليه، ويدبر بجسمه جميعه بعد ما قضى حاجته، وحاصله أنه إذا توجه إلى إنسان للتكلم أو غيره، يلتفت إليه بجميعه.
خاتم النبوة
وكان بين كتفيه صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين فلا نبي بعده.
من صفاته المعنوية
سعة صدره وجُوده؛ كان أوسع الناس صدرًا بحيث لا يمل ولا يضجر، وأجود الناس صدرًا ، وإنما كان صدره أجود، لأن الجود فرع انشراح الصدر، والصدر محل القلب الذى فيه الجود، والمعنى أن قلبه صلى الله عليه وآله وسلم أجود القلوب، فإنه لا يبخل بشيء من زخارف الدنيا فجوده عن طيب قلب وشرح صدر، وسجية طبع، لا عن تكلف.
لهجته
كان أصدق الناس لهجة، أي لسانًا، وأصدقهم قولًا، ومن صدق لسانه، أنه يتكلم بمخارج الحروف كما ينبغى بحيث لا يقدر عليه أحد.
لين عريكته
كان صلى الله عليه وآله وسلم ألين الناس عريكة؛ أى طبيعة أى سلسًا مطاوعًا، منقادًا قليل الخلاف والنفور.
معاشرته
كان أكرم الناس عشيرة أى معاشرة ومخالطة، فمن عاشره وصاحبه أحبه لكمال حسن معاشرته وعظيم خلقه حتى صار عنده أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين، ومن رآه بديهة أي فجأة من غير سابقة هابه؛ أي خافه، لأن معه الهيبة الإلهية، والمهابة السماوية وذلك لما فيه من الجلال.
ويقول واصفه : ((لم أر قبله ولا بعده مثله )) إذ ليس فى الناس من يماثله في الجمال، ولا فى الخلق من يشابهه على وجه الكمال.