السنة الرابعة ربيع الأنور 1446 هـ - سبتمبر 2024 م


د. حسن عباس زكي
الروضة الزكية في بعض الأوصاف والخصائص المحمدية (4)
د. حسن عباس زكي

ومن أوصافه عن الحسن بن علي رضي الله عنهما:

وكان صلى الله عليه وآله وسلم بادنًا متماسكًا، سواء البطن والصدر عريض البطن، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن ما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين، وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف أو شائل الأطراف، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعًا، يخطو تكفيًا، ويمشي هونًا، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة.

البيان:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بادنًا متماسكًا أي ضخم البدن، لا مطلقاً ليس من كثرة اللحم والسمن المفرط ولذلك أردف كلمة بادن بكلمة متماسك أن يمسك بعض أجزائه بعضًا، ليس مسترخيًا، ولا نحيلًا، ولا هزيلًا، فالمنفي السمن التام والمثبت عدم النحول والاعتدال، بطنه وصدره مستويان، لا ينبو أحدهما عن الآخر كان أنور المتجرد: أي أن بعض جسمه الذى ستره الثوب كان أنور إذا صـار مكشوفًا فهو في غاية الحسن، ونصاعة اللون، وقد وصل ما بين لبته وسرته بشعر يجري كالخط طولًا ورقة، ولم يكن على ثدييه وبطنه شعر غير مسربته.

 وكان أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، فشعر هذه الثلاثة غزير كثير طويل، وكان طول الزندين، وهو ما انحسر عنه اللحم من الذراع، رحب الراحة أي واسع الكف حسًّا ومعنًى. شائل الأطراف أي طويل الأصابع من غير إفراط، أو شـائل الأطراف أي مرتفع الأصابع ليس منقبضها طويل اليدين. خمصان الأخمصين، أي أن بطن قدميه شديد التجافي عن الأرض أو أن أخمص القدمين أي باطنهما لم يرتفع جدًّا عن الأرض بل معتدل. أملس القدمين ليس فيهما تكسر ولا تشقق لينهما فالماء إذا مر عليهما مر سريعًا فلا يقف الماء على ظهر قدميه، وإذا مشى رفع رجله عن الأرض رفعاً بائناً بقوة لا كمن يمشى اختيالًا، فلا يستعجل ولا يستمهل وهذا معنى قوله تعالى: واقصد فى مشيك، أي توسط يخطو مائلًا إلى قدام ويمشى هونًا، أي هينًا فى تؤدة وسكينة وحسن سمت ووقار وحلم، لا يضرب الأرض بقدميه ولا يخفق بنعليه أشرًا ولا بطرًا كان ذريع المشية، أي المشي المعتاد لصاحبه، أو سريع المشي واسع الخطا، كأن الأرض تُطوى إليه، وكل ذلك برفق وتثبت دون عجلة، أما إسراع عمر رضي الله عنه، فكان جبليًّا لا تكلفًا.

كان خافض الطرف: أي العين يعني إذا لم ينظر إلى شيء، يخفض بصره، وذلك شأن المتأمل المشتغل بالباطن ولأنه شأن المتواضع بالطبع، ونظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، ومعنى ذلك أنه يخبر عن نهاية تواضعه وخضوعه وغاية حيائه من ربه، وكثرة خوفه وخشوعه.

وما روى من أنه كان إذا جلس يتحدث يكثر من رفع طرفه إلى السماء؛ فالرفع محمول على أن الرسول ينتظر الوحي في أمر ينزل عليه.

وكان معظم نظره وأكثره الملاحظة، ونحمل الملاحظة على العبادة.

(كان يسوق أصحابه ويبدر من لقي بالسلام، وكان ضليع الفم، أشكل العينين منهوس العقب)

البيان

كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يقدم أصحابه أمامه، ويمشى خلفهم، تواضعًا، وإشارة إلى

أنه كالراعي يسوقهم أمامه لرعايتهم وحفظهم وتفقدهم.

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطأ عقبه عقب رجل"، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «خلوا ظهري للملائكة»، قال تعالى: «والملائكة بعد ذلك ظهير»، وكان يسبق ويبادر من لقيه من أصحابه بالسلام أي يجعل سلامه أول ملاقاته.