السنة الخامسة ذو الحجة 1446 هـ - يونية 2025 م


د. حسن عباس زكي
الروضة الزكية في بعض الأوصاف والخصائص المحمدية (7)
د. حسن عباس زكي

خاتم النبوة

في تحقيق وصفه ، أى فى لونه ومقداره وتعيين محله من جسده ﷺ:

قال السائب بن زيد: (ذهبت بي خالتي إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختى وجع، فمسح رسول الله ﷺ رأسى، ودعا لي بالبركة، وتوضأ فشربت من وَضوئه، وقمت خلف ظهره، فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه. فإذا هو مثل زر الحجلة).

البيان

قولها (وجع) الألم كان فى لحم قدمه، (ودعا له بالبركة) أي الزيادة في العمر. قوله (خلف ظهره) أى أدبا أو قصدا وطلبا فنظرت لانكشافي محله أو لكشفه ﷺ له ليراه، لعلمه به مكاشفة

وقوله (بين كتفيه) قال القاضى : (وهو أثر شق الملكين بين الكتفين)، وقال النووى: (إن الشق كان فى صدره، وإن أثره كان خطا واضحا من صدره إلى مراق بطنه)

وقيل:  إنه تم الختم بعد الشق في موضعين أحدهما الظهر مقابل القلب، عند غضروف كتفه الأيسر، فإذا هو مثل زر الحجلة أى الخاتم مثل قبة تعلق على السرير وتزين بها العروس والحجلة طائر، والزر البيضة.

وكان الخاتم يفوح مسكا، وقيل إنه: شعر مجتمع مثل القطعة الناتئة، أو كالتفاحة أو كالبندقة، أو كأثر المحجم القابضة على اللحم، أو شامة خضراء، أو سوداء تضرب إلى الصفرة، حولها شعرات متراكبات كأنها عرف الفرس أو كبيضة حمام مكتوب بباطنها الله وحده لا شريك له ، وبظاهرها توجه حيث شئت فإنك منصور أو نور يتلألأ.

قال بعض العلماء: وليست هذه الروايات مختلفة حقيقة بل كل شبه بما سنح له، ومؤدى الألفاظ كلها واحد، وهو قطعة لحم.

قال القرطبي: الأحاديث الثابتة تدل على أن خاتم النبوة كان شيئا بارزاً أحمر عند كتفه الأيسر إذا قلل جعل كبيضة الحمام وإذا كثر جعل كجمع اليد.

عن جابر بن سمرة قال: «رأيت الخاتم بين كتفى رسول الله ﷺ غدة حمراء مثل بيضة الحمامة»

ما جاء في شعر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:

1- عن أنس بن مالك قال: كان شعر رسول الله ﷺ إلى نصف أذنيه .

البيان

أى واصلا ومنتهيا إلى نصف أذنيه، وهو الشعر الذى جمع وعقص أو المراد معظمه

٢- عن عائشة رضى الله عنها قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، وكان له شعر فوق الجمة، ودون الوفرة.

البيان

من إناء واحد : من المعلوم تقدمه ﷺ في الاغتسال كما هو شأن الأدب وعلى تقدير المعية مع السيدة عائشة فالمعروف التستر لكمال حياتهما، وعلى تقدير التكشف فالمفروض عدم النظر إلى العورة، بل هو صريح في نفس الروايات عن عائشة رضي الله عنها (ما رأيت فرج رسول الله ﷺ) وقد ورد أيضاً: (ما رأيت منه ولا رأى مني) تعنى الفرج، والظاهر من حالهما غسل أيديهما خارج الإناء، ثم تناولهما من الماء.

فوق الجمة : أى كان لرأسه الشريف شعر نازل على المنكبين.

ودون الوفرة: ما وصل إلى شحمة الأذن، وهذا يدل على أن شعر الرسول ﷺ كان متوسطا بين الجمة والوفرة.

وفي حديث آخر قالت: (كان شعر الرسول الله وفوق الوفرة ودون الجمة).

قيل وهو الصواب وقد جمع بينهما العراقى بأن المراد من قوله (فوق ودون). تارة بالنسبة إلى المحل وتارة بالنسبة للمقدار.

وقوله (فوق الجمة) أى أرفع منها فى المحل، ودون الوفرة أي أقل منها في المقدار، وكذا في العكس عن أم هانئ بنت أبى طالب قالت: (قدم رسول الله ﷺ مكة قدمة وله أربعُ غدائر) .

البيان

قدمة : مرة واحدة من القدوم، وكان الرسول الله ﷺ قدمات أربعة لمكة. عمرة القضاء، وفتح مكة، وعمرة الجعرانة، وحجة الوداع .

وبعض الروايات يدل على أن هذا المقدم كان يوم فتح مكة، لأنه حينئذ اغتسل، وصلى الضحى في بيتها غدائر: جمع غديرة، أى أربع ضفائر ويقال (ذوائب) بالذال.