الروحانية في زمن التكنولوجيا (9)
خالد محمد غزالكهرومغناطيسية وأثرها على الوعي والإدراك والمشاعر
نستكمل في هذه المقالة ما سبق من أدلة وبراهين علمية تفسر لنا آلية تأثير الموجات الكهرومغناطيسية على البدن وعلى الصفاء الروحي للإنسان وندعم ذلك ببعض الأمثلة العملية من الواقع.
ولكن في البداية نوضح كيف تصل المؤثرات الخارجية إلى الخلايا وما العلاقة الافتراضية بين الروح والبدن من وجهة نظر الأبحاث العلمية المحضة.
تفاعل الروح مع الخلية :
نجد أن الخلايا تحتوي على مكونات خلوية تؤدي وظائف محددة يتم تشفيرها كجينات في DNA و RNA وتختلف حسب تلك الخلوية، وتنتشر في جميع الخلايا بناءً على نوعها ووظيفتها فتتفاعل الروح مع الخلية وأنه يمكن إظهار الإشعاع الكهرومغناطيسي من خلال التعديل الضوئي أو عبر تقنيات العلاج بالليزر منخفضة الطاقة، والتي تستخدم لعلاج الخلايا التالفة تحت الإجهاد عن طريق توليد ATP عبر الضوء.
العلاج الضوئي:
وكمثال عملي على آلية عمل الخلايا يتم عبر تلك النظرية نذكر أحد الأمثلة العملية التي تسير آليتها وفق نفس النظرية، وذلك المثل هو التقنية التي يطلق عليها العلاج الضوئي والتي يستخدم فيها العلاج الضوئي البيولوجي[1] Photobiomodulation على نطاق واسع من اختصاصيين في العلاج الطبيعي لعلاج مجموعة واسعة من الآلام العضلية الهيكلية الحادة والمزمنة، ويستخدمه أطباء الأسنان لعلاج الأنسجة الفموية الملتهبة ولعلاج التقرحات المتنوعة وأمراض الجلد لعلاج الوذمة، والقرحة البطيئة، والحروق، والتهاب الجلد, وتخفيف الآلام الروماتيزمية، وعلاج الالتهابات المزمنة وأمراض المناعة الذاتية، ومن متخصصين آخرين على سبيل المثال لعلاج أمراض الأذن الوسطى والداخلية وتجديد الأعصاب.

فمن المعلوم أن الإشعاع الكهرومغناطيسي يتكون من مجموعة واسعة من الأطوال الموجية التي يمكن أن تكون ضارة عند الترددات والطاقات العالية ويعمل غشاء الخلية والسيتوبلازم كحاجز أول لاختراق الإشعاع الكهرومغناطيسي ويحمي الخلية، من خلال آليات متعددة مثل الامتصاص الانتقائي والتشتييت والانعكاس، وإعادة الامتصاص هذه هي الخطوة الأولى لتشكيل الروح في مسار روح الخلية والتي تساعد على التمسك بالروح أو تحريرها.
أهمية وجود الماء بالخلايا لنجاح العلاج:
وتساعد الأحجام الصغيرة من جزيئات الماء داخل الخلية أيضًا في الحفاظ على تغيرات درجة الحرارة التي تحدث في السيتوبلازم الخلوي بسبب امتصاص الإشعاعات الكهرومغناطيسية.
وهذه هي الخطوة الثانية لمسار روح الخلية حيث تتشكل هنا الروح، ومع زيادة عدد الانبعاثات الضعيفة للغاية التي تؤدي إلى انتقال الروح عبر الخلية والتي يتم خلالها نقل هذه الفوتونات سريعًا جدًا مقارنة بأي من العمليات البيوكيميائية الخلوية الأخرى، حيث يتم التحليل والبحث والمعالجة واسترجاع المعلومات المخزنة من التجارب السابقة ثم يجري استخدامها لتفعيل العمليات المطلوبة في الخلية.
الخلية تعمل كجهاز كمبيوتر كمي:
ويسرد البحث أيضاً العديد من الآليات المعقدة التي تتم داخل الخلية والتي يشبهها في النهاية بالكمبيوتر الكمومي عالي التقنية الذي يستخدم "بتات الكم" ويعمل وفق المفاهيم المتعددة التي أثبتتها نظرية الكم مثل التشابك الكمومي وغير ذلك.
ويختتم الكاتب بحثه بهذا الاستنتاج فيقول: "بثبوت وجود الروح كشكل من أشكال الطاقة عبر ما يسمى (مسار الروح الخلوي) وهو المفهوم الذي يمكنه أن يوفق بين رؤية العلم ورؤية الدين، وبأنه يمكن الوصول إلى الروحانية حين يكون الوعي المستمد من مسار الروح الخلوي صحيًا ومفتوحًا ويقظًا وموسعًا، ولكنه يَرْتبِكُ عندما يكون الوعي مزدحماً ومُضَيَّقًا وفوضويًا ومنفصلًا ويؤكد على أن الروح هي التي توصل إلى الوعي والإدراك والذي طالما كان موجودًا في جميع الخلايا الحية التي هي البنية الأولية السحرية التي تصنع الحياة".
أساس عمل الطاقة الكهرومغناطيسية في الخلية الحية:
ولكي نصل إلى فهم سر العلاقة بين الروح والجسد وَفق نظرية "المسار الروحي للخلية" نرجع إلى كلام فضيلة الدكتور حسن عباس زكي حيث ذكر في كتابه "مشاهدات في عالم الملك والملكوت" وهو يوضح لنا أن العامل المشترك الذي يربط بين الروح والجسد هي الطاقة التي تتمثل في المجالات المغناطيسية فيقول:
"أوضحنا أن الإنسان يعيش في مجالات مغناطيسية كلها طاقات مشعة وفي هذه المجالات يحدث فعل ورد فعل بين الإنسان والإنسان و بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها ... إلى أن يقول: فالروح تؤثر في النفس والنفس لكي تصل إلى عمق المادة تصدر اهتزازاً أو ترددات يخلق صورة ذهنية (فكرة)، والفكر هو الذي يؤثر في ذرات جسم الإنسان عن طريق الخلايا كما يؤثر الضوء والصوت والكهرباء فيه"، وهو ما يؤكد صحة افتراضية نظرية "المسار الروحي للخلية" .
ومن هنا فقد بات جلياً أن الروح والنفس والجسد يرتبطون فيما بينهم بعلاقة تأثير وتأثر وبأن الطاقة الكهرومغناطيسية هي التي تدير هذه العلاقة.
كما نستنتج كذلك إلى أي مدى تؤثر الكهرومغناطيسية في الخلية وفي إدارة وظائفها، وبأن جميع المعلومات والبيانات ونقل الإشارات وما يطلق عليه وعي الخلية أو روح الخلية جميعها يتم داخل الخلية عبر الموجات الكهرومغناطيسية بأطياف مختلفة ومتعددة، ومن ثَمَّ فإن ذلك يثبت فرضيتي التي تقول أن للترددات الكهرومغناطيسية تأثيرات بيولوجية (تظهر في وظائف الخلية ومكوناتها)، وتأثيرات أخرى روحية (تظهر في الوعي والإدراك) وذلك بغض النظر عن كونها تأثيرات إيجابية أم سلبية وذلك حسب قوة هذه الترددات.
الطاقة الكهرومغناطيسية تؤثر على وظائف الخلية وتؤثر في الحامض النووي:
والجدير بالذكر أن القوة الكهرومغناطيسية ذات التردد المنخفض تؤثر على وظائف الخلية المختلفة، بما في ذلك تكاثر الخلايا وتمايزها وفي تخليق DNA أو الحامض النووي وكذلك وفي عملية نسخ RNA وتخليق البروتين وتخليق ATP ونشاط التمثيل الغذائي.

وقد تبين أن مفهوم الانبعاث الفوتوني للفوتونات الحيوية أو شديدة الضعف تعد من المفاهيم التي تم دراستها جيدًا، حيث تبعث الخلايا عادةً من واحد إلى آلاف الفوتونات / سم2 .
وقد أثبتت آخر الأبحاث الطبية[2] بأن تعرض الجسم للمجالات المغناطيسية يمكنه أن يؤثر على كل خلية من خلايا الجسم وعلى مقدرتها على درجة نفاذيتها وهذا ما يفسر التأثير الملحوظ للمجالات المغناطيسية في معالجة الجروح حيث ثبت أنها تقلل من تليف الجروح المختلفة المنشأ.
الإشعاعات الكهرومغناطيسية تضعف مناعة الجسم (الإيدز مثالاً):
من الأمور التي أثارت جدلاً مؤخراً ما بين مؤيد ومعارض هو احتمالية وجود علاقة بين الإشعاعات الكهرومغناطيسية وبين الإصابة بالفيروسات المتعددة مثل الإيدز وكورونا وغيرها، وهناك من عارض ذلك بحجة أنه لا علاقة بين تلك الموجات وبين الفيروسات في شيء حتى تصيب بها الإنسان.
وقد جاء في أحد الأبحاث[3] ما يؤكد تلك العلاقة ويذكر آلية حدوثها حيث يؤكد صاحب الدراسة:
· أن الآليات البيولوجية للإصابة بالإيدز متسقة مع فرضية العلاقة السببية بين الإصابة بالإيدز وبين الموجات الكهرومغناطيسية للترددات الراديوية، وأنه وفقًا للسيناريوالأقرب والأكثر اتساقاً مع تلك الفرضية، بأن كان فيروسات HTLV-1 / STLV-1 قد تطورت أو تحورت نحو فيروس نقص المناعة البشرية HIV/ SIV بسبب ضعف استجابة جهازالمناعة ضد الفيروس بسبب التعرض للموجات الكهرومغناطيسية.

· ثم يشير إلى أنه قد تبين في دراسة سابقة أن المجالات الكهرومغناطيسية تتفاعل مع جهاز المناعة، بما في ذلك المجالات ذات الطاقة المنخفضة جدًا، وأنه من المتوقع حدوث تأثير بسبب المجالات الكهرومغناطيسية في حالات التعرض الدائم.
· ثم تنصح الدراسة بضرورة قيام الباحثين في هذه الموضوعات المتعلقة بالربط بين الموجات الراديوية والأمراض الفيروسية بضرورة دراسة آلية تفاعل الموجات الكهرومغناطيسة مع جهاز المناعة للوصول إلى فهم تام لهذه الفرضية.
· ثم تشرع الدراسة في توضيح الآلية البيولوجية التي تعمل بها التحولات وذلك في معرض التمهيد الذي يقدمه لبيان آلية تأثير على زيادة حساسية الكائنات الفيروسية لتأثيرات الموجات الراديوية.
· يتلخص الاستنتاج في كون أن هناك ثَمَّة علاقة بين ظهور الإيدز وفيروس نقص المناعة وبين التعرض الدائم للموجات الكهرومغناطيسية، وأن ما يؤكد ذلك هو أن تلك الأمراض لم تظهر في الزمن السابق على ظهور الموجات الكهرومغناطيسية الاصطناعية والتي أدت بشكل ما إلى تسريع نقل المرض إلى الإنسان، وأن ما يؤكد ذلك ظهور الحالات الأولى كان في المناطق التي بدأ بها البث التلفزيوني في القرن العشرين، وظهور الإيدز بعد ظهور التلفزيون في المناطق المصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.
· كما أنه لوحظ حدوث حالات وفاة تصل إلى 100% في الفئران خلال 5 أيام نتيجة التعرض للموجات الراديوية وكان ذلك بسبب حدوث تثبيط في جهاز المناعة نتج عنه عدم تعرفه على الأجسام المضادة، إلا أنه وعلى الجانب الآخر لم تحدث وفيات في حالة التعرض لمجال مغناطيسي أقل وبأنه من غير الواضح ما إذا كان المجالات المغناطيسية الاصطناعية ذات تأثير كبير في نشوء الأمراض الطبيعية من عدمه إلا أنه تبين من التجارب أن هناك حساسية للمجالات المغناطيسية ظهرت من معدلات الوفاة نتيجة للمعالجات المتعددة بواسطة الموجات الكهرومغناطيسية والتي تؤكد على أن المضادات المناعية قد تأثرت بتلك التعرضات.
الإشعاعات الكهرومغناطيسية تؤثر على الوعي والإدراك الروحاني :
في واقعة حدثت بأوروبا تسببت في شكاوى عديدة من سكان إحدى المناطق نتيجة للانبعاثات الإشعاعية الصادرة من شبكات منظومة لاسلكية يُطلق عليها اختصاراً شبكة GWEN .
وقد وردت تفاصيل تلك الشكوى بإحدى الدراسات الأميريكية[4] حيث قامت لجنة من مجلس البحوث القومي بالاعتناء بدراسة تأثيرات المجالات الكهرومغناطيسية الناتجة عن شبكة طوارئ الموجة الأرضية (GWEN)[5] على الإدراك والسلوك حيث جاء بالبحث:
"نتيجة ورود العديد من البلاغات حول تأثير الموجات الراديوية المنخفضة على الإدراكات الحسية والسلوكية لحيوانات مثل القطط والأرانب والفئران بسبب تعرضها لأطياف معينة من الأمواج الكهرومغناطيسية وقد ظهر ذلك من خلال القياسات الخاصة بكهربية المخ، حيث لوحظ أيضاً حدوث تغير في سلوك حيوانات التجارب تمثل في ضعف الإدراك لديها وفي قدرتها وكفاءتها على الهروب كما حدث مع الفئران.

الكهرومغناطيسية تؤثر على سلوك الإنسان وحالته العصبية:
وقد أشارت الدراسة التي أُجريت في أوروبا الشرقية بأن مجموعة من السكان قد تعرضوا للمجالات الكهرومغناطيسية بقيم تتراوح من 50 هرتز وحتى حيز الترددات الدقيقة، حيث وردت منهم شكاوى تضمنت رصداً لحالات من التهيج والخمول والأرق والعجز والصداع وفقدان الذاكرة وضعف القدرة على التركيز وتم تشخيص تلك المتلازمة على أنها وهن عصبي أو "مرض المايكروويف".

ومن خلال دراسة وبائية أخرى أجريت على موظفين في السفارة الأمريكية بموسكو زيادة معدلات من نفس الأعراض العصبية، وفي دراسات أخرى ثبت وجود تغير سلوكي لدي حيوان البابون عند قيم معينة من التعرض لنفس الترددات.
وبرغم أن الدراسة استبعدت حدوث هذه التأثيرات على الإنسان بقيم الإشعاعات المعمول بها وقت إجراء الدراسة لأن الترددات المنبعثة كانت في الحدود المسموح بها إلا أن الأمر أشار إلى وجود احتمالية كبيرة لحدوث تأثيرات للموجات الكهرومغناطيسية على سلوك وإدراك الإنسان والحيوان بغض النظر عن قيمة تلك الترددات التي قد يتغير مدى تأثيرها حسب شدة التعرض وزمنه.
وأقول من واقع ما مضى أن ذلك يؤكد على أن الترددات المنبعثة حالياً من التجهيزات أو الأنظمة المختلفة قد تسببت بشكل أو بآخر في حدوث تغييرات سلبية في إدراك ووعي الإنسان وبالتالي على روحانيته، فضلاً عن التأثيرات الصحية العديدة كما تبين من النتائج التي تم رصدها في الحيوانات وعلى البشر.
ونستأنس في هذا الصدد برأي فضيلة د. حسن عباس زكي الذي أورده في كتابه (مشاهدات في عالم الملك والملكوت) حيث يشير إلى نفس الفكرة فيقول:
"حيث إن جسد الإنسان يتأثر بالأمواج التي ترد إليه سواء كانت تلك الأمواج من فكره أو من الكون المحيط به بصفة عامة وقد أوضحنا أن الإنسان يعيش في مجالات مغناطيسية كلها طاقات مشعة وفي هذه المجالات يحدث فعل ورد فعل بين الإنسان ونظيره وبين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها وبين الإنسان والكون وكل فكرة أو إحساس أو مشاعر تنتاب الإنسان تنطلق منه وتظل سابحة في المجال الكوني وتؤثر على الإنسان وتتأثر به".
وإلى حلقة قادمة بمشيئة المولى عز وجل ....
[1] في هذا العلاج، يتم وضع مصدر ضوء بالقرب من الجلد أو ملامسته، مما يسمح لطاقة الضوء (الفوتونات) باختراق الأنسجة حيث تتفاعل مع الكروموفور الموجود في الخلايا مما يؤدي إلى تغيرات فيزيائية ضوئية وكيميائية ضوئية تؤدي إلى تغييرات في الجزيئات الخلوية ومستويات أنسجة الجسم. يحفز الضوء سلسلة معقدة من التفاعلات الفسيولوجية في الأنسجة المريضة والتالفة لتسريع التئام الجروح وتجديد الأنسجة، وزيادة الدورة الدموية، وتقليل الالتهابات الحادة، وتقليل الألم الحاد والمزمن، والمساعدة في استعادة الوظيفة الخلوية الطبيعية. ومن المثير للاهتمام أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن الضوء يمكن أن يعزز الأداء في الأنسجة والخلايا الطبيعية.
[2] الماء الممغنط بواسطة أ.د مظفر أحمد الموصلي
[3] IS THERE A CAUSAL RELATION BETWEEN RADIO FREQUENCY EMISSIONS AND AIDS ? / By Vincent Lauer
[4] بحث تحت عنوانAssessment of the Possible Health Effects of Ground Wave Emergency Network
[5] كانت شبكة طوارئ الموجة الأرضية (GWEN) نظام اتصالات للقيادة والتحكم مخصص للاستخدام من قبل حكومة الولايات المتحدة لتسهيل الاتصالات العسكرية قبل وأثناء وبعد الحرب النووية. على وجه التحديد، كان القصد من شبكة GWEN البقاء على قيد الحياة من آثار نبضة كهرومغناطيسية الناتجة من انفجار نووي على ارتفاعات عالية وضمان أن رئيس الولايات المتحدة أو الناجين يمكن أن يصدروا أمر إطلاق لقاذفات القيادة الجوية الاستراتيجية عن طريق الراديو.