
الصديقية تشيع معنى الخدمة
حسن جابرمشاركة المؤسسة بمعرض جامعة القاهرة الخيري وانطلاق قافلة "إطعام ودفا" للمنيا وما يقارب الألف وجبة إطعام كانت أبرز نشاطات المؤسسة في أقل من شهر.
استلهامًا من قوله -تعالى- "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"، ومن قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-"أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ"، وعملًا بتوجيه أهل الله بالتخلّي عن صفة البخل والتحلّي بالكرم، كان انطلاق المؤسسة الصديقية للخدمات الثقافية والاجتماعية لهذا الشهر بالعديد من الأنشطة؛ قوافل إطعام وكساء للمحافظات، وتجهيز وتوزيع وجبات إطعام ساخنة في محيط مقامات آل البيت رضوان الله عليهم في تطبيق حقيقي لمعنى "الخدمة"، كان من حسن حظي أن جاء التوفيق للمشاركة في العديد منها ابتداء بمعرض جامعة القاهرة الخيري والتجهيز لقافلة "إطعام ودفا" المتجهة للمنيا والمشاركة الأسبوعية في الإطعام التابع للمؤسسة بمحيط مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها بمصر القديمة، وأحببت أن أشارك معكم هذه الفاعليّات وما فيها من جماليّات؛ دلالة على الخير والجمال وشحذًا للهمم:

معرض جامعة القاهرة الخيري لدعم طلاب العلم البسطاء
كانت مشاركة المؤسسة في الخامس عشر من فبراير في هذا المعرض كجزء من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، والذي يضم العديد من المؤسسات الخيرية الضخمة، فكان الإعداد والتجهيز بإشراف الأستاذة جيهان زكي ممثلة عن المؤسسة الصديقية، بعد أسبوع من مشاركة المتطوعين في تجهيز وإعداد وفرز الملابس وتنسيقها بالشكل اللائق جاءت ليلة المعرض بمفاجأة سارة للمتطوعين إذ جاءت كلمة مشجعة من فضيلة مولانا الإمام أ.د. علي جمعة، مشاركًا مع المتطوعين في بث جماعي عبر برنامج "زووم" دعمًا ومباركةً وإعلانًا بتقديره للمجهود المبذول فكانت فاتحة خير وسار المعرض على أكمل وجه.
افتُتِح المعرض صباحًا بحضور فضيلة مولانا أ.د. علي جمعة و الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة ولفيف من كبار المسئولين بالجامعة، وعلى غير المتوقع أنهى جناح المؤسسة الذي كنت أتطوع به كل ما كان معروضًا تقريبًا في أقل من ساعتين رغم أن المتوقع كان أكثر من ذلك بكثير، وشهد المعرض شدة الإقبال لدرجة أننا كمتطوعين لم نجلس حتى انتهت الكميات كلها.
ربما كان من أكثر ما يلفت في المعروض هو الجودة الفائقة إذ كانت الملابس من علامات تجارية مميزة ومعروضة بشكل لائق والأجمل هو السعر المدعَّم إذ كان السعر يقارب الربع تقريبًا من تكلفته الحقيقية، كنت ألاحظ فرح المقبلين واستقدام زملائهم للمشاركة، فكان معنى الإحسان في الخدمة جابرًا لهم أصرُّوا بعدها على التعرف على المؤسسة ومعرفة الفاعليَّات القادمة وهذا معنى رائق من معاني الخدمة أن هؤلاء الناس هم عيال الله ونحن نخدم الله بخدمتهم فنبدع في الإحسان لأننا نرى الله فيهم "لن تناولوا البر حتى تنفقوا مما تحبون".
تجهيز قافلة المواد الغذائية لقافلة "إطعام ودفا المتجهة للمنيا"
استكمالًا لمسلسل الخدمة فبعد انتهاء معرض القاهرة بدأ التجهيز لقافلة المنيا فإن الخير معدي يذهب ويجر وراءه خيرًا ببركته، فبعد دخول الساحة في أكتوبر بعد الظهر انتهينا بعد صلاة العشاء مما يقرب من 500 كرتونة مليئة بالمواد التموينية الضرورية في مشهد لطيف يضم الكبار والصغار تحت إشراف م. عبدالله أبوذكري، في مشهد أسري دافئ منفوح مستحضرين فائدة السيد عبدالله إذ أشار سابقًا إلى معنى رائق يهون مشاق الخدمة ومجهودها، إذ كان ينصح دومًا لفك الكرب والمشاق خاصة في أوقات الأزمات بالعمل في الخدمة وإطعام الطعام فقد جاءت في روشتة إلهية واضحة "فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة"، والقصص في حصول البركات كثيرة ومتلاحقة تشبه ما يحكى في المعجزات، وهكذا كان دأب الأنبياء والأولياء على خدمة الخلق وعمارة الأرض استمطارًا للبركات والنفحات.
واستمرارًا لسريان الخير أنشأ أبناء الصديقية مجموعة على موقع التواصل "فيس بوك" تحت اسم "إطعام الطعام هيحل مشاكلك"؛ إذ الهدف ليس مجرد مساعدات عابرة وخدمة في موسم وفقط، بل الهدف هو نشر ثقافة الإطعام والبذل لكي تكون عادة وروتينًا في حياة كل شخص، وأن لا تقتصر الخدمة على المؤسسات بل تصير عادة الأفراد كلٌ بحسب استطاعته، وأن يتعود الإنسان على البذل و مقاومة شح النفس، تحليًا بصفة أهل الله وعمارة للمجتمع في أوقات هي الأشد احتياجًا.
المشاركة المجتمعية لإحياء وإعادة افتتاح مركز شباب مهجور
شارك مجموعة من متطوعي المؤسسة وفريق الكشافة التابع للمؤسسة "مجموعات نقدر الكشفيَّة"، بالتعاون مع قادة جمعية الكشافة البحريَّة بالقاهرة، في عمل أنشطة للكثير من أطفال منطقة مساكن عثمان بالسادس من أكتوبر بإعادة افتتاح مركز شباب غير نشط وهو مركز شباب الأولى بالرعاية لإعادة إحيائه تمهيدًا ليكون منطلقًا لنشاطات اجتماعية لاحقة عمارةً للحي وتنشيطًا للجو التنموي ونفع الأولاد والنشء بها.
بدأ فريق الكشافة الفاعليات بتعليم أطفال المنطقة بعض حيل الحبال والألعاب الشيقة والتعريف بنشاط الكشافة بشكل عام من خلال اللعب والمرح، ثم بدأ فريق المتطوعين في تنظيم الأطفال لحضور فقرات من الألعاب والاحتفالات ومسرح للعرائس والكثير مما فيه رسم البسمة على وجوه الأطفال وجبرٌ لخواطرهم.
يُذكر أن نشاط الكشافة التابع للمؤسسة الصديقية "مجموعات نقدر الكشفيَّة" هو تحت إشراف مولانا الإمام أ.د. علي جمعة، يشرف عليه القائد عبدالله أبو ذكري ومجموعة من القادة والقائدات المتميزين، ويركز نشاط الكشافة على بناء الشخصيَّة وتعلَّم المهارات الحياتية للأطفال والنشء من البنين والبنات.




تجهيز وتوزيع جبات الإطعام الساخنة في ربوع مصر
الكثير من الخدمة الدورية بجوار مسجد سيدنا الحسين ومسجد السيد محمد أمين البغدادي ومسجد السيدة نفيسة رضي الله عنهم، ربما يستغرب أحدهم إذا سمعنا نقول إننا نخدم الله في خلقه ويتصور أنها مبالغة رغم ورود الأحاديث الصريحة في ذلك وأكثرها تأثيرًا فيّ حديثٌ قدسي لطيف المعنى يقول الله تعالى فيه : "يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب، كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب، كيف أسقيك، وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي"، ربما يفسر هذا سر الروحانية والمدد الذي أشعر به في ساحة الإطعام المجاورة لمسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها، تحكي السيدة المشرفة على المكان أن المكان قارب في الخدمة على الثلاثين عامًا حتى أصبح مآلًا لكثيرين بميعاد معروف، وفقنا الله لتوزيع ما يقارب الألف وجبة في هذا المكان فقط في أقل من شهر غير وجبات الساحات الأخرى، ويكون وقت التوزيع هو فرصة لشهود نعمة الله علينا في كثير من نعم لا نكاد نشعر بها واعتقدنا أنها حقًّا مكتسبًا فهذه الوجبة البسيطة التي اعتدناها هي عظيمة عند كثيرين يتلهفون عليها ويتسابقون، فحضور الإطعام يكسر ما قد يصيبنا من اعتياد النعم وإلفها، وتجديد شهود نعمة الله وإمداده الدائم بغير حول منا ولاقوة.


كما انتظم نشاط الإطعام وتوزيع أكثر من 200 وجبة ساخنة أسبوعيًّا في محافظة الإسكندرية بمسجد فاطمة الزهراء - سموحة، وذلك في محيط مجمع الأولياء ومقام سيدي أبي العباس المرسي، وأهلنا الأولى بالرعاية بمنطقة بشاير الخير والطابية تحت مظلة المؤسسة الصديقية بمشاركة كوكبة من المتطوعين الكرام وبإشراف أ. رحاب نبوي.
وفي نفس السياق بدأ نشاط الإطعام بالساحة التابعة للطريقة بجوار ساحة سيدنا الحسين وتحديدًا أمام الجامع الأقمر بشارع المعز نشاط الإطعام وخدمة المجاورين لسيدنا الحسين وللسيد محمد أمين البغدادي، تحت مظلة المؤسسة الصديقية، وبإشراف الأستاذة كارولين بهاء الدين القائمة على الساحة، يستقبل المتطوعون دوريًّا للمشاركة في إعداد وتجهيز وتوزيع الوجبات والتي قد يبلغ عددها في المرة الواحدة 200 وجبة أو يزيد.
وعليه أنصح إخواني بالحضور لساحات الخدمة، ففي ذلك مساحة جيدة للتعرض للنفحات ويكفي شهود روحانية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما يسبب سكون النفس إذ قال الله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم" فالقيام على الصدقات تعرض لصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما فيها من سكون وبعد عن الشتات، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله، وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق الدال على كل خير سبب النجاة وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
