السنة الثانية رمضان 1443 هـ - إبريل 2022 م


الشيخ. أيمن حمدي الأكبري
الصوم لي
الشيخ. أيمن حمدي الأكبري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي كتب علينا الصيام كما كتبه على الذين من قبلنا، والصلاة والسلام على حبيبه الذي قال لأصحابه : لست كهيئتكم أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني فنهاهم ونهانا عن وصال الليل والنهار دون سحور وإفطار حفظاً لنا، وذلك الصوم مناسب لسمة أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ التي جعلها سبحانه وتعالى أمةً وسطا، فصح لها بهيئة الصيام المشروع الاعتدال، وجعل النية في الصيام أصلًا، ليكون لله تعالى فرضا ونفلا. قال تعالى في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهو ليه وأنا أجزي به، وإن كان مراعاة وجه الحق في كل عمل أمرًا لازما، إلا أن سائر الأعمال يطلع على جزائها بعض الملائكة، فمنهم من يكتب العمل الصالح الواحد بعشر حسنات إن فعله العبد، أو يكتب العمل الفاسد سيئة واحدة بعد أن يتمه العبد بساعات، فإن رجع عنه ولم يفعله كتبته الملائكة حسنة. وكذلك أمرهم الحق بمحو سيئات العبد إذا استغفر وتاب، وأن يبدلوا السيئات حسنات كما قال تعالى: ﴿إلا من تاب و آمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات﴾ [الفرقان: 70]، فكل عمل يعمله العبد فهو له أو عليه، ﴿لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت﴾ [البقرة: 286] إلا الصوم فإنه كما أخبرنا الحق سبحانه وتعالى نصا: «فهو لي»، ذلك أن كل عمل فعل، إلا الصوم فإنه ترك، ترك العبد به ما له من حاجة في الشراب والطعام والنكاح لأمر الله، فهو سبحانه يجزي به، لأنه لا أحد غيره يعلم مقدار ما يتركه الصائم، حتى الصائم نفسه لا يعلم مقدار رزقه مما ترك في يوم صيامه إن لم يكن صام ذلك اليوم، لأن ما تركه غيب عن الخلق.

وحد الصيام ترك الشراب والطعام، أما حقيقته فبحسب المتروك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، فعلمنا أن نية الصيام الله تعالى شرط صحة، أما كمال الصيام فسارٍ في كل ترك مشروع، فترك فضول الكلام صيام عن الكلام، قال تعالى حاكيا عن مريم ابنة عمران: ﴿إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا﴾ [مريم: 26]، وقال جل شأنه لنبيه زكريا عليه السلام: ﴿قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا﴾ [آل عمران: 41]، وأخبرنا أنه إذا كان الصوم يمنع غذاء الأجسام من الوصول إليها، فإنه فيه غذاء للأرواح وقوة لها: ﴿فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا﴾ [مريم: 11] فسرى بخروجه إلى قومه أمر أثر فيها التسبيح والتنزيه لله، فإن الصوم ارتفاع عن مطالب الجسم الحيواني.

وقد قرنت الأمة الصيام وقيام الليل، والسهر صوم عن النوم، واتخذوا سُنَّة الاعتكاف في شهر رمضان؛ وهي الاعتزال عن الناس والصيام عن مخالطتهم خروجا عن الشواغل التي تؤثر سلبا في العبادة. فجمع الصيام إذا كمل أصولا أربعة هي : الجوع والسهر والعزلة والصمت، وقد سماهم الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي "حلية الأبدال"،نسأل الله تعالى أن يبدل سيئاتنا حسنات، وعللنا صحةً، وأخلاقنا حسنا بمحض فضله، وأن يرزقنا بركة الشهر المعظم.

الصوم ترك وهذا السر واللهينبيك حساً بأنَّ الصوم للهفكم أتيت بأمر أنت فاعلهوالحسن والقبح لليقظان واللاهيوكل شخص أتى فعلاً ليبرزهفهو الأجير برغم الملك والجاهوليس يجزيك عن ترك بحكمتهغير الجواد فسل أو لا تسل ما هي