
التربية هي القدوة الحسنة (2)
منى خليل المنقوشالآباء مخلصون في محبتهم لأبنائهم، ومجتهدون في تربيتهم لهم؛ لكنهم قد يكونون مفسدين في تربيتهم لهم عند اختيارهم وسائل التربية والخدمة لهم، ومثال ذلك: اختيار بيئة المدرسة والسكن والنادي غير المناسبة، وتكون النتيجة ظهور فساد في الأفكار والسلوك الفعلي والقولي على الأولاد، وحيث إن هذا واقع لا مفر منه، يطال أغلب البيوت، فكان من لازم التربية وسدادها وجود ما يعوض هذا الفقد الكبير في المدرسة والنادي والجيران، وهذا التعويض يكون في المتاح الذي بين أيدي الوالدين وهو: "مناخ البيت الداخلي"، فالأطفال كالطيور إذا قويت أجنحتها أصبحت مؤهلة لمغادرة عِشها وبيتها والهجرة إلى أي مكان آخر مليء بالأقران والزملاء، فكان على الوالدين أن يعدوا العدة لمثل هذا اليوم من حسن الترتيب والاستعداد له، وذلك باستثمار المتاح لمناخ البيت الذي يسيطر عليه الأبوان، وذلك عن طريق (الاحترام) الذي يربط الإنسان بالإنسان؛ لنضمن علاقة وثيقة تؤهل تلقي الطفل عن والديه، وتصحيح الوالدين لما يخترق الطفل من المناخات المجاورة له، لكن كيف يصل الوالدان لهذا الرابط وهو الاحترام بينهم وبين أولادهم؟
يصلون إليه بما يلي :
1- احترام الأولاد بعدم التكرار الكثير للنصائح
2- احترام الأولاد بالنصح لهم في السر، وليس في العلن (ليس أمام الجدود أو إخوتهم أو أقاربهم أو أصحابهم)
3- احترام الأولاد بعدم التقليل من أفكارهم ومشاعرهم وذكائهم
4- احترام قدرات الأولاد وإمكانيات استيعابهم
5- احترام الأولاد بتقديرهم ومدحهم ودعمهم على الكبيرة والصغيرة
6- عدم ربط تقديرهم ومدحهم واحترامهم بإنجازاتهم مثل إنجاز التفوق في التعليم أو الفوز برياضة في بطولة، بل نمدحهم وندعمهم لذواتهم وأشخاصهم
7- احترامهم بعدم طردهم من اجتماعات الكبار أو إسكاتهم في حضرة الكبار
8- احترامهم بشرح معنى الخطأ ليدركوا أسباب أخطائهم ومساعدتهم على إيجاد الحلول
9- احترامهم بأن تكون واضحًا معهم وصريحًا في المطلوب أو خطوات التنفيذ للمطلوب
10- احترامهم بعدم تهديدهم، فما تظنه يحتاج إلى العقاب، فالحقيقة أنه يحتاج إلى العفو.
11- احترامهم بوضع الضوابط للمتاح والممنوع في كل شيء مثل مشاهدة التلفاز واستعمال الموبايل والخروج والدخول من وإلى البيت وعدم مفاجأتهم بالعقوبة قبل التنبيه بهذه الضوابط.
12- مِن احترام الأولاد أن يكون هناك لائحة واضحة لعواقب المخالفات بدون مفاجآت غير محسوبة.
13- من الاحترام أيضًا أن نعامل كل سن بما يناسبه من الضوابط والعقوبات والتحفيزات.
14- من الاحترام وضع بدائل للسلوك السلبي الذي تريد تغييره وذلك باقتراح ما يناسب من البدائل.
15- من الاحترام للأولاد إشعارهم بأهميتهم بطلب مساعدتهم واستشارتهم في أمور حياتيةٍ تناسب سنهم ووعيهم.
16- من الاحترام عدم تكليفهم بما هو أكثر من أوقاتهم.
17- من الاحترام تعليمهم إدارة أوقاتهم بما يناسبهم ويناسب قدراتهم.
18- من الاحترام لهم اعتراف الوالدين بالخطأ الذي ارتكبوه تجاه أولادهم أو غير أولادهم.
19- ومن الاحترام أيضًا الاعتراف بأني لا أعرف وأني سأسأل وأجيبك.
20- من الاحترام تنفيذ الوعود إلا لعذر يؤدي إلى عدم تنفيذ الوعد فنبينه لهم ليعذرونا.
21-احترامهم بإعطائهم مساحة من حرية التصرف والقرار المقنن تحت إشراف الوالدين، مثل: ألوان ملابسهم وغرفتهم الخاصة أو بعض المواعيد والخروج مما لا يتجاوز المسموح به.
21- من احترامهم عدم الرفض المسبق لكلامهم وأفكارهم وأفعالهم قبل سماعهم وفهمهم ثم بعد ذلك أُبين لهم وأبدي رأيي.
في قائمة مماثلة لهذا العدد أو تزيد؛ ضابطها الأخلاق العامة وكل خلق مع الكبار يُفعل مع الصغار، وقائد هذا الاحترام والسلوك الحضاري مع الإنسان، بل والأكوان هو إنسان عين الوجود سيدنا السعيد المسعود صلى الله عليه وآله وسلم الذي علم البشرية تعظيم الإنسان للإنسان، فقد كان يعامل الطفل كالشيخ الكبير إلا فيما لا يناسب.
وانظر إلى أثر الاحترام على طفل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندما يستأذنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أن يعطي شيخًا كبيرًا قبل هذا الطفل، إن أثر هذا الاحترام في نفسه سينعكس على ثقته بنفسه واحترامه لغيره لأنه أخذ حقه في الاحترام، ففاقد الشيء لا يعطيه، فصلى الله على من علمنا الاحترام، فما ضرب ولا شتم ولا عاتب ولا واجه ولا فضح ولا عَيَّرَ.