
معرفتي بالسيد عبد الله بن الصديق
د. يسري رشدي جبرالحمد الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام والبركة والرحمة على إمام المرسلين، وأول النبيين وسيد ولد آدم أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وتابعيه إلى يوم الدين .
أما بعد: فالحديث عن شيخي ومرشدي ومحيي قلبي ومنور طريقي إلى الله على نهج حبيبي، ومولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدي الحجة الولي بن الولي من سلالة الأولياء والعلماء والصالحين عبدالله بن السيد محمد الصديق الحسني،من باب تذكر نعمة الله علي حيث قال سبحانه: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [سورة الضحى :١١]، وقال عز وجل: ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [سورة النحل: ٥٣].
مما من الله به علي منذ نعومة أظفاري تعلقي بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واعتباري أنَّ الدينَ والإسلامَ والإيمان والإحسان هو: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فلمَّا دخلتُ الجامعة وتحديدًا كلية طب "القصر العيني" في أوائل السبعينات من القرن الماضي، فوجئتُ بأن كثيرًا من الطلبة المتدينين في الجامعة ممن يصلون بمسجد الكلية يُثيرون قضايا لم تخطر على بالي من قبل؛ مثل: التوسل وأنه شرك ،وسؤال: أين الله؟ وأنه على حدِ قَولهم: "في السماء"، ويحرّمونَ الصلاة في المساجد التي فيها أضرحة الأولياء، ويُكفرونَ عُمومَ المسلمين، ويعتقدون أنَّ المجتمعَ الَّذي نعيشُ فيه جاهليتُه أشدّ من الجاهلية الأولى ،ويكثرون في كلامهم من ذكر أسماء محددة بألقاب معينة؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وابن باز وابن عثيمين، وحسن البنا وسيد قطب، وأبو الأعلى المودودي، وقليلًا ما يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم، أو حتى يتحدثونَ عن فضائلِه وشمائلِه ومعجزاتِه، ويحرمون حتى الاحتفال بمولده الشريف ،كل ما سبقَ أصابني بصدمةٍ شديدة جعلتني في حيرةٍ مِن أمري ،ولم تك عندي في هذا الوقت إجابة عن تلك الشبهات؛ مما دفعني لحفظ القرآن الكريم إلى أن يهديني الله لما اختلف فيه من الحق، فعكفت على حفظ القرآن، وعلى مذاكرتي حتى تخرجت من الكلية في ديسمبر عام 1978م، وقبل تخرجي بعامين تعرفت على سيدي الحافظ محمد التيجاني رحمه الله، وبدأت أقرأ عليه مع بعض زملائي موطأ الإمام مالك على مدى عامين حتى وفاته في نفس عام تخرجي، وقد أزال من قلبي الكثير من هذه الشبهات، وأجاب رضي الله عنه عن كثير من التساؤلات، ودلني على حب التصوف وتزكية النفس، وأحيا في قلبي التعلق بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وبعد وفاته حضرت على الشيخ محمد نجيب المطيعي الشافعي صاحب تكملة المجموع في شرح المهذب حتى عام 1980م _1440هـ ، ثم سافر إلى السودان، وفي هذا العام وتحديدا في شهر رمضان رأى أحد أصدقاء الشيخ عبد الحكيم بن عبد السلام خاطر، وكنت أحفظ عليه القرآن وأسمع عليه برواية حفص عن عاصم أخبرني أنَّ صديقَه الشيخ علاء دعبس، وهو بصير ( أي فاقد نعمة البصر) رأى رؤيا مؤداها: أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دلَّه على السيد عبد الله الصديق الغماري، وقال له في الرؤيا:" إنه ابني، وإنه من أهل الشفاعة"؛ فبحثت عنه، وعلمت أنه يقرأ كتاب الشمائل المحمدية للترمذي بمسجد رشدان أو رشدي بالدقي بعد العصر، وكان هذا في شهر رمضان سنة 1400هـ ، فذهبت إليه وتعرفت عليه، ووجدت القارئ عليه هو مولانا د.علي جمعه رضي الله عنه، وكان في مرحلة الماجيستير تخصص علم أصول الفقه، ومنذ أن حضرت عند سيدي عبد الله تعلقت به واشتريت كل مؤلفاته من مكتبة القاهرة بالصنادقية بالأزهر، وقرأتها عدة مرات، وأخذتُ منه الطريقة الصديقية الدرقاوية الشاذلية، ونتج عن التعلق والقراءة أن زال من قلبي كل شك أو شبهة، وأصبحت كأني ولدتُ ولادةً جديدةً، وازدادت معرفتي بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فازددت به تعلقاً وتخلقًا، وكم من مجلس كنت أحضره معه، فأجده في حديثه مع الحضور يتناول ما يرد في خاطري، مما أحب أن أسأله عنه، وكثيرًا ماشرفت بصحبته في زيارة معارفه بالقاهرة، وكان على رأسهم الشيخ أحمد مرسي النقشبندي، وشرفني الله بالإشراف على علاجه في مرضه، وأكرمني بدعائه لي كثيراً، وما زلت أعيش بمدد أنواره وعلمه ومعارفه.
وعوضنا الله بعد وفاته بالتعلق والتشرف بمعرفة وملازمة مولانا د.علي جمعة نفعنا الله ببركاته ودعواته في الدارين وبارك الله في عمره، وألحقنا جميعا بالصالحين الذين سبقونا للدار الآخرة، وأظلنا الله معهم في ظل عرشه يوم لاظل إلا ظله، وجعلنا خير خلف لخير سلف بجاه ومدد حبيبه صلى الله عليه وسلم.