السنة الثانية جمادى الآخرة 1444 هـ - يناير 2023 م


د. محمد وسام خضر
أنت المُنى يا غاية الغايات
د. محمد وسام خضر

أفتَـغْــتَدي جَنّـــاتُها غـــاياتي

وحَفِيفُ نعـــلكَ غايةُ الجناتِ

وصَلاتُنـــا لله وهو بذاته

صلَّى عليك مُضاعَفَ الصلواتِ

خضع الثريّا للثرى إذ مسَّه

خيرُ الورى ما نجمةٌ كحصاةِ

بك يا سماءَ الكون قد سَمَت السما

والعرشُ فيك كحلْقة بفلاةِ

ما زاد قدرَك سدرةٌ أو منتهًى

والله إنك مُنتهَى السِّدَراتِ

هذا البراقُ بنوركَ الوضَّاء قد

أضحى حديدَ العينِ والخَطَـواتِ

جبريل لم يكُ قائدًا بل حاجبًا

متقدمًا لكَ أنّ أحمدَ آتِ

إنّ الدليلَ وإن تقدَّم تابعٌ

مدلولُه متقــــدِّمٌ بالذاتِ

لما وصلتَ لأصل موطنك انثنى

جُزْ يا حبيبُ قد انتهَتْ مِرقاتي

أنا إن تقدمتُ احترقتُ وأنت إن

سِرْتَ اخترقتَ فأنت نورُ الذاتِ

يا قابَ قوسَيْ ذاتِه وصفاتِه

فالنورُ في المشڪاة كالمرآةِ

الوحيُ منك له أفيض فقيل: لا

تَعْجَلْ به يا مُلهمَ الآياتِ

أصلُ المعارفِ -يا مدينةَ علمِه-

أمَّتْكَ -يا أُمِّيُّ- مُعترِفـــاتِ

لم تَتْلُ مِن كتبٍ فربُّكَ كاشفٌ

لك كلَّ علم دونما صفحاتِ

أم كيف تتلوها وأنت مفيضُها

أنت الذي بك كُنَّ مُكتَتَباتِ

بحرُ العلوم فمنك تَقتَبِسُ الورى

وعلومُهم في البحر كالقطراتِ

الله أوجد خلقـــــه وأمـــــدَّهم

مِن نورك المتلألئ السبحاتِ

أسماؤه يا نورُ فيك تحقَّقَتْ

وحباك منه اللهُ خيرَ صفاتِ

والله يا مختارُ نورُك لم يزَلْ

يَختار آباءً ذوي عزمات

الساجدين العابدين لربهم

الماجدين مفرجي الكربات

السادةَ الأخيارَ ملجأَ قومهم

الكاشفي الغُمّـــاتِ في الأزماتِ

والأمهاتِ فما لهن مكافئ

أرحامهن مواطنُ البركات

الطاهراتِ أصولُهن مغارسًا

والطيباتِ مجانيَ الثمرات

المطعماتِ بكل وادٍ أهلَه

والمحيياتِ هلاكَ كلِّ مَـوَاتِ

الحانياتِ على الولائد رحمةً

أُمّـــاتُه مـــا هنَّ كالأُمّـــاتِ

في خير أصلابٍ لأرحامٍ سَرَتْ

فالنور يسري في أجل ذواتِ

هم خيرُ أهل الأرض في أعصارها

فالدر يسكن أعظم الصدفاتِ

لك يا مكمَّل كلُّ حسنٍ ينتمي

يا سرَّه الساري ونورٌ ذاتي

مجلى الكمالات التي لا تنتهي

أبدًا فمجدُك أرفعُ الدرجاتِ

يا رحمةَ الله التي ما جاوزت

مِن خلقه شيئًا بغير هباتِ

يدُك اليدُ العليا التي لا تنقضي

نفحاتُها يا منبعَ النفحاتِ

مَن بايعوك فربَّهم قد بايعوا

سبحان مَن أنشاك مجلى الذاتِ

ويقول: خُذْ صدقاتهم وليعلموا

أني أنا مَن آخذُ الصدقاتِ

ويقول من يطع الرسول فقد أطا

ع الله نصًّـــا محكمَ الآياتِ

خُيِّرْتَ موتًا أو تعيشَ مُخلَّدًا

فاخترتَه خُلْدًا ولو بممـــاتِ

ما الموتُ منك سوى الحياة تستَّرَتْ

عن منكريها من ذوي الغفلاتِ

وتضاعفَتْ حتى أُفيضَت في الورى

نورًا فأنتَ مُضاعَفُ الحَيـَوَاتِ

منك الحياة تفاضُ يا غوث الحيا

يا روحَ محيائي ونورَ مماتي

لم تخْلُ منكَ إلى القيامة لحظةٌ

مهما ذُكِرْتَ أتيتَ بالخيراتِ

بك يا شفيعُ تُقُبِّلَتْ أعمالُنا

حتى دُعِيتَ مُصححَ الحسناتِ

وصفحتَ عن زلّاتنا متڪرمًا

وأقَـلْـتَنـــا مِن وَهْدة العَثرات

يا أيها المعصومُ كن لي عاصمًا

مما سواكَ فأنتَ سرُّ حيـــاتي

واللهِ ليس ڪمثله في خلقه

ماضٍ على أزمانها أو آتِ

صلَّى عليك اللهُ يا غوثَ الندَى

مهما أفاض الحبُّ مِن عبراتِ

وعلى الهُـــداة الهـــاشميين الألى

بقدومهم مستفتَحُ الجنّـــاتِ

وعلى الأصولِ الطيبين ظهورُهم

وبطونُهنَّ بأڪْرَمِينَ ڪُمَاةِ

آلِ الخليل الساكني أم القرى

حتى يجيءَ معلِّمُ الآياتِ

وعلى أبيه وأمه خير الورى

أوفى فتًى كفؤٍ لخيرِ فتاةِ

المؤمنَيْنِ بلا ارتيابٍ إذ هما

لنبوة المختـــارِ خيرُ وُعاةِ

يا روحَ روحي يا هنـــايَ ومهجتي

أنت المُنَى يا غـــايةَ الغـــاياتِ