
أسئلة المريدين - 12
مولانا الإمام أ.د. علي جمعةس1: عن انتقال المريد والترقي في دوائر الطريقة وأخذ العهد
عندما يريد الله للمريد الانتقال إلى دائرة العهد، فسوف يحصل على العهد، بأن ينعم الله تعالى على الشيخ برؤية شيء ما في اليقظة أو المنام، فيصل لهذا المريد ويعطيه العهد، لكن مع الأخذ في الاعتبار أن من يأخذ العهد قد تقيد بالطريقة. ولم أقم بإعطاء العهد لأحد حتى الآن، والسبب في ذلك أن عصرنا عصر فتن، وهذا معناه أنك لو أخذت العهد اليوم، وتريد أن تخرج غدًا، فلن تستطيع، بل إن حالك سوف يضطرب ويختل مع الله، هكذا قال أهل الله.
ومما قاله أهل الله أيضًا: المريد ابن أول طريق، أي أول عهد. كذلك فإن من يسعى لطلب العهد، فما زال في قلبه دنيا، وكأنه يريد أن يتميز، وأن ينتقل، وأن يتعجل الشيء قبل أوانه، أو أن يكون فريدًا في شيء ما. نحن لا نبني أمجادًا يا أولادي، نحن نبني علاقة مع الله، وهذا معناه ما كُتِب قديمًا: أن نكون في الخمول، وهو ليس الكسل، بل إن المريد صاحب همة. أما الخمول فمعناه النية الخالصة لله رب العالمين دون النظر إلى المجد الدنيوي. والأمثلة كثيرة للمجد الدنيوي، مثل ما قام بوضع جوائز باسمه: فورد، وفولبرايت، ونوبل، وغيرهم ثم ماتوا، وقد فعلوا ذلك للمجد، كي يبقى اسمه في العالمين، وبقي اسمهم إلى الآن، فلقد أرادوا تخليد اسمهم بما يقومون به من جوائز ومنح ومساعدات وخدمة مجتمع، وغير ذلك، فغرضهم معلوم وهو الدنيا والمجد والاسم، ولكننا لسنا هكذا، ولا علاقة لنا بهذا، بل نحن في الخمول، فلا يهمنا الاسم وغيره، حيث يبعث لنا الله بما يريد فضلًا منه، فمثلًا اسم الإمام الغزالي مازال مذكورًا، والإمام النووي مازال اسمه موجودًا، وبالمناسبة الإمام الغزالي أنجب تسع بنات، والإمام النووي لم يتزوج أصلًا، فلم ينجب أحدهما ولدًا ذكرًا ليحمل اسمه، ومع ذلك بقيت أسماؤهم لتقواهم. فلابد من الانتباه أننا نقوم بما نقوم به لله، وليس من أجل الترقي في دوائر المريدين أو طلبًا للعهد، حتى نكون مخلصين. أنا أعبد، ونترك ربنا ينقلنا أو لا ينقلنا، وفي كل الأحوال نحن نذكر.
س2: متى يصبح المريد سالكًا، وهل يعلم المريد ذلك، أم أنه من الالتفات؟
لا تنشغلوا بالدرجات، ولا الترقيات، ولا أين مكانكم في الطريقة.. اعبدوا الله، وفقط .. اذكروني أذكركم، واشكروا لي ولا تكفرون. فإذا وفقك للذكر، فلابد أن يذكرك، لكن (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وكذلك قوله تعالى (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ)، وأيضًا (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ). نحن نستمر في العبادة.. (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) ..
س3: هل يجوز للمريد أن يحضر حضرات ومجالس ذكر وإنشاد لطرق غير طريقته؟
الأحسن ألا يفعل، لأن المريد في بداية الطريق يطلب الانكفاف وأن يطبق المثل (داري على شمعتك تقيد) ولا يفضل أن يتنقل بين كل بستان، وعندما يصل إلى مرتبة معينة يستطيع أن يحضر كما يريد فلن يتأثر. ففي البدايات لابد له أن نداري على شمعتنا مع الله حتى تضيء وتنضج وتظل متوجهة. أما من لم يلتزم وحضر لطرق أخرى، فهو لم يرتكب إثمًا، ولكنه يكون قد أضاع على نفسه فرصة التراكم، والذي ينتج من الاكتفاء بطريقة واحدة.
فذهابه ليس حرامًا أو مكروهًا، وإنما خلاف الأولى، لأنه كلما يقوم بملء الكوب يقوم بتفريغها وسكبها، فيأخذ القليل يملأ به الكوب ثم يسكبه، وهذا معناه أن الكوب لن يمتلئ، وهذا ليس من الحكمة. (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).
س4: تمر علي أيام لا أستطيع إنهاء أورادي كلها ولكن ليس للتقصير أو عدم رغبة ولكن لانشغالي الكثير مع أبنائي وزوجي
انشغالك مع أبنائك وزوجك عبادة، قد تفوق في ثوابها الذكر والورد، ولكن استمري ولا تنقطعي أبدًا.
س5: هل يجوز أداء الأوراد أثناء حضوري محاضرة؟
يجوز، فإن خلوتهم في جلوتهم، فمن الممكن أن أحضر محاضرة وأنا أقوم بالذكر.
س6: سمعت أنه يُشترط قضاء الورد في وقته حتى يؤتِي أثره، فهل يشترط أن أستشعر هذا الأثر؟
ليس من الشرط، حيث إن الأثر يتم حتى لو لم نستشعره.
س7: كيف نصل للخشوع في الذكر والعبادة؟
بالتدبر والتأني، فنجعل كل ذكر في نَفَس، وليس كالماكينة التي تعمل، فنقول سبحان ربي العظيم، ثم نلتقط النفس، ونقولها ثانية، وهكذا. ونقول سبحان ربي الأعلى .. الحمد لله رب العالمين .. الحمد لله .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. وبعد كل واحدة نَفَس، حتى يحدث التركيز، فإن القراءة السريعة المتتالية حتى لو كان كل حرف قد خرج من مكانه صحيحًا فلا يُحدث هذا تركيزًا، بل قد يجعلني أفكر في شيء آخر. ومن هنا فنقول بالتأني والاستمرار.
س8: هل يجوز كتابة حزب البحر على حائط غرفتي؟
أنا لم أفهم مقصد هذا السؤال: هل نكتبه على ورقة ونعلقه على الحائط، أم نشخبط على الحائط ونتسبب في مشاكل مع الأهل، وهكذا. لابد من أن يكون لدينا حكمة، وبغض النظر عن غرض السؤال تحديدًا، فإنه يمكن أن يكتب على الحائط، حيث تكلم العلماء في كتابة القرآن على الحوائط فمثلًا عندما تدخل مسجد السلطان حسن تجدهم قد زينوا الجدران بالقرآن الكريم بصورة لائقة، ومن ثم يجوز كتابة الأشياء المحترمة بطريقة محترمة.وهذا بغض النظر عن سبب كتابته، ولدينا لوحتان في الساحة مكتوب عليهما حزب البحر كاملًا على كل لوحة، فلا بأس بذلك.
س9: في بعض الأحيان يحدث لي بعض الشعورات فأحدث بها من حولي، فماذا أفعل للتغلب على ذلك؟
تمتنع من إخبار أحد بمنتهى البساطة، هذه شهوة تحتاج أن نقاومها، فهي تضر ولا تنفع.
س10: هل الأفضل إيقاف ورد الأسماء أثناء الامتحانات، أم الإبقاء عليه؟
حسب التركيز والمشغولية.
س11: هل بعد تمام جميع الأوراد بإذن الشيخ لابد أن نلتزم بالموعد المحدد من المغرب للفجر؟
نعم.