
أسئلة المريدين - 10
مولانا الإمام أ.د. علي جمعةس1: كيف يتخلص الإنسان من الاعتقاد في الأخذ بالأسباب مع أنه يعرف أنها ليست التي تحدث النتائج؟
ج1: يتذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا أن نتخذ الأسباب، ولكن ألا نعتمد عليها، حتى وضع العلماء تلك القاعدة الجليلة: ترك الأسباب جهل والاعتماد عليها شرك.
س2: كيف يعرف المريد أن به كِبرًا؟
ج2: لا يفتش في هذه الأشياء، ويحاول أن يتواضع لله - سبحانه وتعالى - وكان مشايخنا يضبطونها بجبر الخواطر، أي لا تحاول أن تكسر بخاطر أحد، خاصة الضعفاء، كلما حاولت أن تكسر الخاطر قاوم نفسك، ولا تجعلها تفعل هذا الأمر، وبذلك تخرج من هذه الأمور.
س3: بين مقام الرضا والمحبة في بداية طريق المريد، أيهما أولى بالاتباع، فالمحبة تقتضي طلب الوصال من الله أو الرسول أو الأولياء، والرضا يتطلب التسليم بالحال، أيهما أقرب لرضا المحبوب؟
ج3: فى الحقيقة أن المحبة لا تقتضي طلب الوصال، بل إن المحبة هي نفسها الوصال، أي إذا كان فى قلبك حب حقيقي لله ولرسوله فقد اتصلت به، فالمحبة هي الوصال (( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )) [آل عمران: 31]. إذاً: إذا كنت حقًّا تحبه لأطعته، إن المحب لمن يحب مطيع.
س4: فى كتاب سيدي النبهاني (سعادة الدارين)، فصل رؤية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على غير هيئته، وإن رؤية سيد الكونين مثلًا يعكس حال ومقام الرائي وربما رجع ذلك إلى نقص في دين الرائي؟
ج4: نسأل الله - سبحانه وتعالى - الكمال دائمًا، ولكن النبي لو رُئِيَ في غير هيئته، فإن ذلك له تأويل، فليعرضه على أصحاب التأويل ويذكرون له ما المعنى الذي هو فيه. أما كونه يدل على نقصان فى الدين؟ فقد يكون ذلك، أو هل يدل على معصية؟ قد يكون ذلك، أو هل فيه إشارة لفعل معين وليس فيه نقصان؟ قد يكون ذلك حسب الرؤية وحسب سياقاتها.
س5: هل حب ولي بعينه واختصاص حبه يعني حب الولي للمريد؟
ج5: الحب عندما يحدث فى القلب فإن الله - سبحانه وتعالى - يُنشئ له ثواباً، وهذا الثواب يكون حب الطرف الآخر له.
س6: فى قصيدة سيدي أبي مدين (ما لذة العيش) قال حضرته: "الرضا يختص من حضر".
ج6: إذا كان هناك أمر بالحضور، ولذلك التعميم هنا ليس على وجهه، يعنى الشيخ قال احضروا فلم يحضر أحد، فحينئذ يقول هذا الكلام، والذي ترجمه كثير من الناس من العوام ولكنهم عرفوا الحكمة، يقولون: الغايب مالوش نايب. لكن قضية البعد والمسافات والاختلافات وكذا إلى آخره ليست من هذا القبيل إطلاقاً.
س7: هل مقام القطبية يستمر مع القطب في البرزخ؟
ج7: إن الكريم إذا وهب ما سلب، مقامه يستمر معه، ولكنه فى الملكوت له مقامه كما كان له مقامه فى المُلك، إنما منصب المُلك ذهب؛ لأنه انتقل، ولذلك يُعين مكانه قطب آخر.
س8: هل يمكن قراءة حزب الإخفاء بنية الحماية والحفظ وتجنب الأذى من شخص معين، أم يُقرأ على أعداء الحرب فقط؟
ج8: يُقرأ على هذه النيات كلها، وكل طلب للحفظ.
س9: هل الطريق إلى الله ممكن أن يشفي من الاضطرابات النفسية؟
ج9: طبعًا ممكن أن يشفى منها، ونسأل الله الشفاء لكل مريض.
س10: هل مقدم الطريقة يعتبر مربي المريدين المنتسبين له، أم أنه فقط مجرد نائب؟
ج10: حسب مرتبة هذا المقدم، ولكن في النهاية شيخ الطريقة هو الذي منه الإرشاد ومنه التوجيه.
س11: أشعر أن الأخلاق السيئة لدي صعبة التغيير، هل الطبائع السيئة تتغير؟
ج11: طبعًا، (( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ )) [الرعد: 11]، وهذا معناه أن هناك تغييرًا حتى فى السيء.
س12: سمعت أنه لا يجوز أن نقول لأحد (ربنا بيحبك)، فهل هذا صحيح؟
ج12: وهل قولهم (ربنا بيكرهك) هي الصحيحة؟! ربنا بيحبك، وإلا لم يخلقك، ولم يرشدك إلى هذا الخير، سواء كان الإسلام أو الطاعة في الإسلام أو استجابة الدعاء. من قال لك إن الله لا يحب صنعته؟! الله يحبك قطعًا.
وفي النهاية ندعوا الله - سبحانه وتعالى - أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يكفر عنا سيئاتنا، وأن يجمعنا في الدنيا والآخرة على الخير، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يشرح صدورنا للإسلام، وأن ينور أبصارنا وبصائرنا إلى حقائقه، وأن ينقلنا من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه، وأن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا، وأن يحشرنا تحت لواء سيدنا النبي، وأن يدخلنا الجنة ببركته من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، وأن نشرب من يده الشريفة شربه ماء لا نظمأ بعدها أبدًا. فاللهم يا ربنا متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، وآتنا فى الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار. أصلح حالنا، واغفر ذنبنا، واستر عيبنا، وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.