
تعرف على الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم
د. موسى شومانهذا مختصر مبسط لبعض المعلومات الأساسية والضرورية حول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كجزء لا يتجزأ من أصل العقيدة الصحيحة، وبقدر معرفتك به صلى الله عليه وآله وسلم بقدر حبك لـه، فالسعادة فى الدارين مُعَلَّقَة بِهَدْيِه، ويكفي قوله تعالى ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾.
* أفضليته صلى الله عليه وآله وسلم: (وَأَفْضَلُ الخَلْقِ عَلَى الإطْلاقِ .. نَبِيُّنَا فَمِلْ عَن الشِّقَاقِ).
* النَّسَب الشريف: سيدنا (محمد) بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف إلى فِهْر (الملقب بقريش)، إلى عدنان إلى سيدنا إسماعيل بن سيدنا إبراهيم عليهما السلام، وأمه آمنة بنت وهب بنت عبد مناف (ويلتقي الأجداد فى النسب الشريف)، وحفظه الله فى نسله من لدن آدم إلى أن وضعته أمه طاهرا مطهرا، من أي سفاح.
* صفاته البدنية: يقول مولانا الإمام العلامة سيدي نور الدين علي جمعة (من علامة سعادة المؤمن أن يحفظ أوصاف النبى صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي كل أوصافه صلى الله عليه وآله وسلم هو أحلى عند كل ذى ذوق سليم وطبع قويم، ومنها أوصاف الرأس الشريف أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان (أزْهَرَ اللَّوْنِ) أَبْيَضَ مَلِيحًا مُشربا بحمرة، وهو غاية الْحُسْن (أَدْعَجَ) شَّدِيدُ بياض البياض وشديد سَوَادِ السواد للعين (أنْجَلَ) سعة شق العين مع حُسْنِها (أشْكَلَ) فى بياض عينيه يسير حمرة (أَهْدَبَ الأَشْفَارِ) كثير وطَوِيل شَعر الأجْفَان (أبْلَجَ) مُشْرِق الوجه (أزَجَّ) دقيق شعر الحاجبين طويلهما إلى مؤخر العين مع تقوس، (أقْنَى) وأشَمّ الأنف مرتفع قصبة الأنف ارتفاعا يسيرا مع أحديداب يسير (أفْلَجَ) متباعد بين ثناياه (مُدَوَّرَ الْوَجْهِ) لكن إلى الطول أميل (وَاسِعَ الْجَبِينِ) ممتد الجبين (كَثَّ اللِّحْيَةِ) عظيم اللحية (تَمْلأُ صَدْرَهُ) (رَجِلَ الشَّعْرِ) أى فى شعره تكسر وتثن قليل، وسط بين الْجُعُودَةِ والسبوطة (إذَا افْتَرَّ ضَاحِكًا افْتَرَّ عَنْ مِثْلِ سَنَا الْبَرْقِ وَعَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ) (إذَا تَكَلَّمَ رُئِىَ كَالنُّورِ يَخْرُجُ مِنْ ثَنَايَاهُ) حسيا ومعنويا (أحْسَنَ النَّاسِ عُنُقًا) لاعتداله فى كماله (قال البراء رضي الله عنه: مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِى لِمَّةٍ فِى حُلَّةٍ حَمْرَاءَ أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم) (وقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَأنَّ الشَّمْسَ تَجْرِى فِى وَجْهِهِ) (وإذَا ضَحِكَ يَتَلأْلأُ فِى الْجُدُرِ) (وقالت أمٌّ مَعْبَدٍ: أجْمَلُ النَّاسِ مِن بَعِيدٍ وأحْلاهُ وَأحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ) (وقال ابن أبي هَالَةَ: يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ، تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) (وقال علىّ رضي الله عنه عنه: مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ). فاللهم صل على سيدنا محمد وآله وارزقنا النظر إلى جماله.
* مزاحه وضحكه: ضحك حتى بدت نواجذه الشريفة، وكان أكثر ضحكه تبسما.
* من معجزاته: القرآن، والإسراء والمعراج، وأنين جذع النخلة، وتفجر الماء بين أصابعه، وانشقاق القمر، وعلاجه لأمراض الصحابة بدعائه ومسحه بيده وريقه، وتكثير الطعام والشراب ببركته، وغير ذلك.
* زوجاته: دخل بــ (11) امرأة، مات عن (9)، واثنتان توفيتا فى حياته (خديجة وأم المساكين)، وكانت عشرته معهن فى غاية الشرف والنبل والسمو والحسن كما كُنّ فى أعلى درجة من الشرف والقناعة والصبر والتواضع والخدمة والقيام بحقوق الزوج. وكان لهن فضل كبير فى نقل الأحوال المنزلية والأسس التى يُبْنَى عليها البيت والمجتمع الإسلامى. ومن سراريه السيدة مارية أم ولده إبراهيم، والسيدة ريحانة.
* أولاده: القاسم وعبد الله وقد توفيا، وزينب (وتزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع)، ورقية وأم كلثوم (وتزوجهما عثمان بن عفان الثانية بعد وفاة الأولى)، وفاطمة الزهراء (وتزوجها عليّ بن أبي طالب وأنجب منها الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم ومحسن)، وأمهم جميعا خديجة. وكل بناته أسلمن وهاجرن، وتوفين فى حياته إلا فاطمة بعده بستة أشهر، ورُزِقَ إبراهيم من مارية القبطية وتوفى صغيرا.
* إخوته وأخواته من الرضاعة: عمه حمزة، وابن عمته أبو سلمة (من جهة ثُوَيْبَة)، وعبد الله ابن الحارث (وأمه حليمة السعدية)، والشيماء، وأنيسة، (أمهم حليمة).
* أعمامه وعماته: الأعمام: عبد الله والد النبى صلى الله عليه وآله وسلم والحارث والزبير وأبو طالب وحمزة وعبد العُزَّى (أبو لهب) والغيداق والمقوِّم وصِفَار والعباس، والعمات: أم الحكيم وبرة وعاتكة وصفية وأروى وأميمة، وأسلم منهم حمزة والعباس وصفية.
* مواليه: منهم زيد بن حارثة، وثوبان، وشقران، وأنجُشة الحادى، وسفينة، وذكوان. ومن النساء: سلمى أم رافع، وميمونة بنت سعد، ومارية، وريحانة.
* خُدامه: أنس على حوائجه، وابن مسعود صاحب نعله وسواكه، وعقبة بن عامر صاحب بغلته، وأسلع بن شريك صاحب راحلته، وأيمن بن عبيد وكان على مطهرته وحاجته وأمه أم أيمن.
* كُتَّابه: منهم الأربعة الراشدون، والزبير، وعامر بن فهيرة، وعمرو بن العاص، وأبي بن كعب، ومعاوية بن أبي سفيان، وزيد بن ثابت (كان ألزمهم لهذا الشأن وأخصهم به).
* مؤذنوه: بلال، وعمرو بن أم مكتوم، وسعد القرظ بقباء، وأبو محذورة بمكة.
* شعراؤه وخطباؤه: كعب بن مالك، وابن رواحة، وحسان، وكان خطيبه ثابت بن قيس.
* مولده: صبيحة الاثنين 12 ربيع الأول عام الفيل، وقيل 9 وقيل 10، ويوافق 20 أو 22 إبريل 571م، وحدثت عند مولده العديد من المعجزات منها خروج النور وإضاءة قصور بصرى وتصدع شرفة كسرى وغيرها.
* حمله وإرضاعه: لم تشعر أمه بحمله ولم تجد ثقلا كسائر النساء. وشَرُفَت الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف بمباشرة ولادته، كما شرفت بحضانته بركة (أم أيمن)، وأول من أرضعته (ثويبة) أياما قبل أن تقدم حليمة السعدية.
* وفاة أبويه عليهما السلام: تُوفى والده (قبل ولادته) عند بنى النجار فى رحلة تجارة، وماتت أمه بالأبواء (قرب مكة)، بعد زيارتها أخواله وله ست سنين.
* مبعثه: على رأس الأربعين، وأول ما بدئ به الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم أكرمه الله بالنبوة، فجاءه المَلَك بغار حراء وأقرأه ﴿اقْـرَأْ﴾.
* ترتيب الدعوة: النبوة، ثم إنذار عشيرته الأقربين، ثم قومه، ثم قوم ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة، ثم: جميع من بلغته دعوته من الجن والإنس إلى آخر الدهر، ولذلك فالعالم كله أمة الدعوة، والمسلمون أمة الإجابة.
* الهجرتان إلى الحبشة: الأولى (12) رجلا و(4) نسوة منهم عثمان بن عفان مع زوجته رقية، وبعد فترة بلغهم أن قريشا أسلمت وكان خبرا كاذبًا فرجعوا إلى مكة، ثم أذن لهم فى الهجرة ثانية فهاجر (83) رجلا و(18) امرأة.
* الإسراء: اشتد الأذى وحوصر المسلمون فى شِعْبِ أبي طالب (3) سنوات وانتهى الحصار بمعجزة أَكْل الأرَضَة لصحيفة المقاطعة المعلقة فى الكعبة. وبعدها مات أبو طالب ثم خديجة فاشتد الأذى فخرج صلى الله عليه وآله وسلم إلى الطائف ورجع بعد أن صَدُّوه وقال دعاءه المشهور (اللهم إليك أشكو ضعف قوتى ..)، ثم كان الإسراء والمعراج، ورؤية المولى عز وجل، وفرض الصلاة.
* البيعة: أقام بمكة يدعو القبائل ويعرض نفسه فى المواسم وساق الله الأنصار إليه وعددهم 6، عند عقبة مِنَى فدعاهم فاستجابوا ورجعوا إلى المدينة، ثم قدم مكة فى العام القابل (12) رجلا من الأنصار فبايعوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عند العقبة ثم انصرفوا إلى المدينة. فقدم عليه فى العام القابل منهم (73) رجلا وامرأتان، وهم أهل العقبة الأخيرة.
* الهجرة إلى المدينة: هاجر الصحابة أولا، ثم أذن الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فى الهجرة فخرج من مكة يوم الاثنين، ومعه الصدِّيق، وعامر بن فهيرة مولى الصديق، ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثى فدخل غار ثور هو والصديق فأقاما ثلاثا ثم أخذا طريق الساحل حتى انتهوا إلى المدينة يوم الاثنين (12) ربيع الأول ونزل بقباء فأقام (14) يوما وأسس مسجد قباء ثم خرج يوم الجمعة وصلى الجمعة فى بنى سالم، ثم دخل المدينة واستقر فيها وبنى مسجده صلى الله عليه وآله وسلم، وبدأ فى تأسيس الدولة الإسلامية.
* مما أكرمه الله به فى الدنيا: أخذ العهد ألا يعذب أمته بعذاب عام كالخسف والمسخ والغرق والمجاعة، وهو أول المسلمين، وخاتم النبيين، وأولى بالأنبياء من أممهم، وأزواجه أمهات المؤمنين، وأنه مِنَّة الله على المؤمنين، ورحمة للعالمين، وأمان لأمته، ورسالته عامة، وتكفل الله بحفظه، ولم يناده الله باسمه، ونهى عن رفع الصوت فى حضرته، وفُرِض بعض شرعه فى السماء، واستمرار الصلاة عليه، وأقسم الله به وببلدته، والإسراء والمعراج، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإسلام قرينه له، وما بين بيته ومنبره روضه من رياض الجنة، ورؤيته فى المنام حق، ويرى من وراء ظهره، وخاتم النبوة فى ظهره، وجعلت الأرض له مسجدا وطهورا، ونُصِر بالرعب مسيرة شهر، وزويت الأرض له، وجعل الله طاعته من طاعته، وغير ذلك، وجماعه ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾.
* مما أكرمه الله به فى الآخرة: جسده لا يبلى، وأول من يُبْعَث، وأول شافع، وأول مشفع، بيده لواء الحمد، وأول من يدخل الجنة، وأول من يجيز الصراط، والأنبياء تحت لوائه، وله مكانة عند العرش، وأكثر الأنبياء تبعا، وأعطى الكوثر، وإعطاؤه الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود، والشفاعة، وروحه مردودة مع كل صلاة أو تسليم.
* بعض صفاته العامة: أوتى البلاغة والفصاحة وجوامع الكلم، وسلاسة الطبع، والحلم والاحتمال والعفو عند المقدرة، والجود والكرم وعطاء من لا يخشى الفقر، والرحمة والشفقة، والوفاء، والتواضع، والأمانة، والشجاعة والنجدة والبأس، وأشد الناس حياء وأعدلهم وأعفهم، ولا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ووهذه خطوط قصار من مظاهر كماله وعظيم صفاته، ويكفى أن خلقه القرآن ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.
* الإيمان به وثواب محبته: من أصل العقيدة، وطاعته واجبة، ومحبته لازمة وركن من أركان الإيمان.
* احترامه والأدب معه: الصلاة عليه فى كل وقت وفى كل حين، والاقتداء به واتباع هديه، وتعظيمه عند ذكره وتوقيره وإظهار الخشوع والانكسار عند سماع اسمه، وكثرة ذكره والشوق للقائه، ومحبة آل بيته وأصحابه ومن يحبهم، والشفقة على أمته ونصحهم والسعى فى مصالحهم ورفع الْمَضَارّ عنهم.
* صحابته: قيل (114) ألفا منهم (10) آلاف فى البقيع.
* حجه وعُمَرَه: حجة واحدة (حجة الوداع عام10 هـ)، وأحرم بالعمرة عام الحديبية6 هـ، وأحل منها بعد الصلح ولم يكملها، ثم اعتمر عمرة القضاء7 هـ، ثم من الجعرانة8 هـ، ثم التى كانت مع حجته.
* غزواته وسراياه: قيل (27) غزوة (ما خرج فيها صلى الله عليه وآله وسلم سواء قاتل أم لا)، ومنها بدر وأُحُد وبنى قينقاع وخيبر وبنى النضير والأحزاب وفتح مكة وحنين، وقيل (47) سرية (ما خرج فيها أحد قادته، ومنها سرية مؤتة).
* ما يجب الاعتقاد فيه وفى سائر الأنبياء: يثبت لهم الصدق والأمانة والتبليغ والفطانة، واستحالة الكذب والخيانة وكتمان الرسالة والبلادة (الغباء)، ويجوز فى حقهم كل عَرَض كخفيف المرض وكذا النصب والجوع والعطش والنوم والموت، وغير ذلك من أحوال سائر البشر. فظاهرهم وأجسادهم وَبِنْيَتهم مع البشر، وروحهم وباطنهم مع الملائكة تتصل بالملأ الأعلى لا يلحقها عجز البشرية ولا ضعف الإنسانية.
* انتقاله إلى الرفيق الأعلى: بدأ المرض فى (29) صفر (11هـ)، وصلى بالناس وهو مريض (11) يوما وقضى آخر أسبوع من حياته صلى الله عليه وآله وسلم فى بيت عائشة، وقبل الوفاة بخمسة أيام دخل المسجد وهو معصوب الرأس وخطب الناس وعرض نفسه للقصاص وصلى الظهر وأوصى بالأنصار ثم قال: (( إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ صلى الله عليه وآله وسلم هُوَ الْمُخَيَّرَ ))، وقبل الوفاة بيوم أعتق صلى الله عليه وآله وسلم كل غلمانه وتصدق بما عنده ووهب للمسلمين أسلحته، وفى الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها.
وفى صلاة فجر الاثنين، وأبو بكر يصلى بالناس، كشف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف فى الصلاة وتبسم يضحك وأشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر ثم لم يأت عليه صلى الله عليه وآله وسلم وقت صلاة أخرى. ولما ارتفع الضحى سر إلى ابنته فاطمة بأنه يقبض فى وجعه الذى توفى فيه وأنها أول أهله يتبعه وبشرها بأنها سيدة نساء العالمين، ولما رأت ما به من الكرب الشديد قَالَتْ: وَا كَرْبَ أَبَاهُ، فَقَالَ: لَهَا لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ، ودعا أهله فوعظهن وذكرهن وأوصى الناس بالصلاة وكرر ذلك مرارا صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة وما ملكت أيمانكم، وبدأ الاحتضار فأسندته عائشة إليها وتسوك بالسواك ومسح وجهه الشريف بماء وهو يقول لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ فِى الرَّفِيقِ الْأَعْلَى حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ إنا لله وإنا إليه راجعون.
وكان ذلك حين اشتد الضحى من يوم الاثنين (12) ربيع الأول سنة (11هـ)، وقد تم له ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام.
ويوم الثلاثاء غسلوه صلى الله عليه وآله وسلم فى ثيابه وكفنوه ودفنوه حيث قُبِض، ودخل الناس الحجرة أرسالا عشرة فعشرة يصلون عليه ولا يؤمهم أحد، ومضى فى ذلك يوم الثلاثاء حتى دخلت ليلة الأربعاء قالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل من ليلة الأربعاء. قال أنس: (( ما رأيت يوما قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله )).
وقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام: (( يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ يَا أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ )).