السنة الثانية ربيع الأنور 1444 هـ - أكتوبر 2022 م


عبد الله أبوذكري
تعيين تاريخ المولد الشريف من جهة الكشف
عبد الله أبوذكري

اختلف أصحاب السير في تعيين يوم المولد الشريف لسيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد فصلنا ذلك في ملاحق كتاب يوميَّات السيرة النبوية الشريفة، وكان الاختيار الجامع لأكثر الروايات والواقع الحسابي والفلكي الذي حققناه موافقة المولد الشريف ليوم الاثنين 9 ربيع الأول 53 ق.هـ، ويروي لنا سيدي أحمد السلجماسي في كتابه الماتع: الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز، عن الشيخ القطب الفريد رضي الله عنه وأرضاه صاحب الكرامات الباهرة سيدي عبد العزيز الدبّاغ قدّس الله سره، سؤاله للشيخ عن يوم تاريخ المولد النبوي الشريف من جهة الكشف، فيقول: «وسألته رضي الله عنه عن شهر ولادته عليه الصلاة والسلام فإن العلماء اختلفوا في ذلك اختلافًا كثيرًا، فقال بعضهم إنه صفر، وقال بعضهم إنه ربيع الآخر، وقال بعضهم إنه رجب، وقال بعضهم إنه رمضان، وقال بعضهم إنه يوم عاشوراء، وقال بعضهم إن الشهر غير معين، أي غير معلوم لنا لا أنه في نفس الأمر غير معين.

فقال رضي الله عنه: الشهر هو ربيع الأول.

وسألته رضي الله عنه عن يوم الولادة من شهر ربيع الأول، فإن العلماء رضي الله عنهم اختلفوا فيه، فقيل في ثانيه، وقيل في سابعه واختاره الأكثرون، وقيل في ثامنه، وقيل في تاسعه، وقيل في ثاني عشره.

فقال رضي الله عنه: إنه ولد عليه الصلاة والسلام في سابع ربيع الأول، وهذا هو الواقع في نفس الأمر، يعني أنه ولد ليلة السابع منه كما سبق أنه عليه الصلاة والسلام ولد ليلًا.

وسألته رضي الله عنه عن عام الولادة، فإن العلماء رضي الله عنهم اختلفوا في ذلك أيضًا، فقيل عام الفيل بعده بخمسين يومًا، وقيل بعده بخمسة وخمسين شهرًا، وقيل بعده بأربعين شهرًا، وقيل بعده بعشر سنين، وقيل بعده بخمسة عشر عامًا.

فقال رضي الله عنه: بل ولد عام الفيل قبل مجيء الفيل، وببركة وجوده صلى الله عليه وآله وسلم بمكة طرد الله الفيل عن أهلها.

ولم أسأله عن قدر ما سبقت ولادته مجيء الفيل، ولو سألته رضي الله عنه لعينه، فإنك لو سمعته حين يأخذ في الأجوبة لسمعت آيات الله الكبرى، والله تعالى أعلم»[1]، فهذا ما ذهب إليه رضي الله عنه في تعيين تاريخ هذا اليوم الأغر، وقد راجعت هذا التعيين على برمجيّة الحساب الفلكيّة (آستروكال) التي ألحقناها بمشروع يوميّات السيرة فوجدت العام السابق 54 ق.هـ يقع فيه يوم السابع من ربيع الأنور موافقًا الثلاثاء 29 إبريل 570 ميلاديًا، وهذا التحديد من جهة الحساب والفلك الذي قمنا به يحتمل الخطأ بمقدار يوم، فتعيين تاريخ الاثنين 7 ربيع الأول في عام سابق على ما قرره سيدي عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه ممكن حسابيًّا وفلكيًّا، إلا أن المشهور عند أهل السير مولده صلى الله عليه وآله وسلم بعد قدوم الفيل لا قبله، ولعلّ هذا التعيين الذي وقفنا عليه لسيدي عبد العزيز الدباغ قدّس الله سرّه يفتح الباب لمزيد بحث وفحص وتدقيق علمي للاستفادة مما ذكره سيدي عبد العزيز، والعلم لا يعرف الكلمة الأخيرة، وفوق كل ذي علم عليم.

وعلى أي حال فإن المسلمين قد اصطلحوا على يوم الثاني عشر لأنه يوم دخوله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة كما حققناه في بحث سابق فكان هو يوم الاحتفال الرسمي بالمولد النبوي الشريف في أقطار الأرض، وشهر ربيع الأول هو شهر النور والسرور وكل أيامه احتفال به صلى الله عليه وآله وسلم، فانظر إلى فعل الله سبحانه وتعالى وإخفائه هذا اليوم الشريف، حتى نحتفل به صلى الله عليه وآله وسلم في كل وقت، وفي هذا العام المبارك 1444 هـ  وافقت ليلة الاثنين 7 ربيع الأنور، وهو بالميلادي 3 أكتوبر 2022م، وفي هذه الليلة الشريفة كتبت هذه السطور فالحمد لله على توفيقه ومنته والحمد لله رب العالمين.


[1] الإبريز: ص.182-المكتبة الأزهرية للتراث