ظهور المهدي حق (8)
السيد عبد الله بن الصديق الغماريوقال الحافظ أبو بشر الدولابي فيمن كنيته أبو الهيثم من كتاب "الكنى والأسماء": حدثنا أحمد بن شيبان الرملي قال: حدثني محمد بن حبيب الجدي بجدة، عن خالد أبي الهيثم الطحان قال: ثنا مُطرّف، عن ابن السفر، عن شيخ من النخع قال: سمعت عليا عليه السَّلام يقول وهو على المنبر: «إني أرى أهل الشام على باطلهم أشد اجتماعًا منكم على حقكم، ووالله لتطئون هكذا وهكذا، ثُمَّ يضرب برجله على المنبر حتى يسمع صوته آخر المسجد، ليستعملن عليكم اليهود والنصارى حتى تُنفّوا - يعني إلى أطراف الأرض- لا يرغم الله إلا بآنافكم ثُمَّ والله ليبعثنَّ الله رجلًا مِنَّا أهل البيت، يملؤها عَدْلًا وقِسْطًا كما ملئت ظلما وجَوْرًا.
وقال نعيم بن حماد في كتاب "الفتن": ثنا الوليد، ورشدين قالا: ثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن عليّ بن أبي طالب عليه السَّلام قال: يظهر السفياني على الشام ، ثُمَّ يكون بينهم وقعة بقرقيسا حتى تشبع طير السماء وسباع الأرض مِن جِيفهم، ثُمَّ ينفتق عليه فتق من خلفهم، فتقبل طائفة منهم حتى يدخلوا أرض خراسان، وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان، ويقتلون شيعة آل محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم بالكوفة، ثُمَّ يخرج أهل خراسان في طلب المهدي».
وقال الحاكم في "المستدرك " : أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه - إملاء ببغداد - قال: قرئ على يحيى بن حفص بن الزبرقان وأنا أسمع: ثنا خلف بن تميم أبو عبدالرحمن الكوفي: ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، عن أبيه، عن مجاهد قال: قال لي عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: لو لم أسمع أنك مثل أهل البيت ما حدثتك بهذا الحديث. قال: فقال مجاهد : فإنه في ستر، لا أذكره لمن تكره. قال: فقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: مِنَّا أهل البيت أربعة: منا السفّاح، ومنا المنذر، ومنا المنصور، ومِنَّا المهدي. قال: فقال له مجاهد: فبين لي هؤلاء الأربعة، قال رضي الله عنه: أمَّا السفّاح فربما قتل أنصاره وعفا عن عدوه، وأما المنذر فإنه يعطي المال الكثير ، لا يتعاظم في نفسه ويمسك القليل من حقه وأمَّا المنصور فإنه يعطى النصر على عدوه والشطر مما كان يعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يرعب منه عدوه على مسيرة شهرين، والمنصور يرعب منه عدوه على مسيرة شهر، وأمَّا المهدي فهو الذي يملأ الأرضَ عَدْلًا كما ملئت جَوْرًا، وتأمن البهائم والسِّباع، وتلقي الأرض أفلاذ كبدها». قال: قلت : وما أفلاذ كبدها؟ ، قال : أمثال الأسطوانة من الذهب والفِضَّة. وقال ابن جرير في تفسيره : حدثنا موسى قال: ثنا عمرو قال: ثنا أسباط، عن السُّدُّي في قوله تعالى: لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم [البقرة: ١١٤] قال: «أما خزيهم في الدنيا فإنهم إذا قام المهدي وفتحت القسطنطينية قتلهم، فذلك الخزي ، وأما العذاب العظيم فإنه عذاب جهنّم الذي لا يُخفَّف عن أهله ولا يُقضى عليهم فيها فيموتوا». وأخرج الحافظ أبو عمرو الداني في "سننه"، عن سلمة بن زفر قال: قيل يوما عند حذيفة رضي الله عنه: قد خرج المهدي، فقال رضي الله عنه: «لقد أفلحتم إن خرج وأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم بينكم، إنه لا يخرج حتى لا يكون غائبٌ أحب إلى الناس منه مما يلقون من الشر». وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" عن ابن سيرين قال: «المهدي من هذه الأمة، وهو الذي يؤم عيسى ابن مريم عليهما السلام».
وقال الدارقطني في "سننه" : حدثنا أبو سعيد الإِصْطَخْرِيُّ : حدثنا محمد بن عبدالله بن نوفل : ثنا عبيد بن يعيش: ثنا يونس بن بكير، عن عمرو بن شمر ، عن جابر، عن محمد بن علي عليهما السلام قال: «إنَّ لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض، ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منه، ولم يكونا منذ خلق الله السماوات والأرض. وأخرج نعيم بن حماد في كتاب "الفتن"، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إذا انقطعت التجارات والطرق، وكثرت الفتن، خرج سبعة نفر علماء مِن أُفُق شتّى على غير ميعاد، يبايع لكل رجل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، حتى يجتمعوا بمكة، فيلتقي السبعة، فيقول بعضهم لبعض: ما جاء بكم؟، فيقولون: جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن، وتفتح له القسطنطينية، قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأُمه وجيشه، فيتفق السبعة على ذلك، فيطلبونه فيصيبونه بمكة فيقولون له: أنت فلان بن فلان؟ فيقول: لا، أنا رجل من الأنصار حتى يُفلت منهم، فيصفونه لأهل الخبرة منهم والمعرفة به، فيقال: هو صاحبكم الذي تطلبونه، وقد لحق بالمدينة. فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة، فيطلبونه بمكّة فيصيبونه فيقولون: أنت فلان بن فلان وأمك فلانة ابنة فلان وفيك آية كذا وكذا، وقد أفلت منا مرة فمد يدك نبايعك، فيقول: لست بصاحبكم حتى يفلت منهم، فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة، فيصيبونه بمكّة عند الرُّكن ويقولون له: إثمنا عليك ودماؤنا في عنقك إن لم تمد يدك نبايعك، هذا عسكر السُّفياني قد توجه في طلبنا عليهم رجلٌ مِن جَرْمٍ، فيجلس بين الرُّكن والمقام، فيمد يده فيبايع له، فيلقي الله محبته في صدور الناس، فيصير مع قوم أُسدّ بالنَّهار رهبان بالليل».
وأخرج نعيم بن حماد في كتاب "الفتن"، عن محمد بن الحنفية قال: «تخرج رايات سود لبني العباس ، ثُمَّ تخرج من خراسان أخرى سُودٌ، قَلَانِسُهُم سُودٌ، وثيابهم بيض، على مقدمتهم رجلٌ يقال له شعيب بن صالح من تميم، يهزمون أصحاب السفياني حتى ينزل بيت المقدس، يوطئ للمهدي سلطانه، ويمد إليه ثلاثمائة من الشام يكون بين خروجه وبين أن يُسلَّم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهرًا، وأخرج نعيم بن حماد، عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: «إذا بلغ السفياني الكوفه وقتل أعوان آل محمد، خرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح».
وأخرج نعيم بن حماد، عن أبي جعفر قال: «تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان الكوفه، فإذا ظهر المهدي بمكه بُعِثَ إِليه بالبيعة».
وأخرج نعيم بن حماد، عن كعب بن علقمة قال: «يخرج على لواء المهدي غلامٌ حَدَث السِّنِّ ، خفيف اللحية أصفر، لو قاتل الجبال لهدها حتى ينزل إيلياء».
وأخرج نعيم بن حماد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «يكون بالمدينة وَقْعَةٌ يَغْرقُ فيها أحجار الزّيتِ ما الحرّة عندها إلَّا كضربة سَوْطٍ، فيتنحى عن المدينة قَدْرَ بريدين ثُمَّ يُبايع للمهدي».
وقال نعيم بن حماد: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني محمد: «أَنَّ المهدي والسفياني وكلبًا يقتتلون في بيت المقدس حين يستقيله البيعة، فيؤتى بالسفياني أسيرًا، فيُذبح على باب الرحمة».
وأخرج نعيم بن حماد، عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: المهدي حق هو ؟ قال: حق. قال: قلت: ممن هو؟ قال: من قريش. قلت: من أي قريش؟ قال: من بني هاشم. قلت: مِن أيّ بني هاشم؟ قال: من بني عبدالمطلب. قلت: من أي عبد المطلب؟ قال : مِن وَلَدِ فاطمة عليها السَّلام.
وقال نعيم بن حماد: حدثنا يحيى بن اليمان، عن يحيى بن سلمة، عن أبيه، عن أبي صادق قال: لا يخرج المهدي حتى يقوم السُّفياني على أَعْوَادِهَا». وأخرج نعيم بن حماد، عن عبدالله بن شريك قال: «مع المهدي راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم - المغلبة».
وأخرج نعيم أيضًا عن طاوس قال : علامة المهدي أن يكون شديدًا على العمال، جَوَادًا بالمال، رحيما بالمساكين».
وأخرج نعيم أيضًا، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «المهدي شايٌّ مِنَّا أهل البيت». قال: قلت: عَجَزَ عنها شيوخكم ويرجوها شبابكم؟! قال: يفعل الله ما يشاء».
وقال ابن أبي شيبة في باب المهديّ من "المصنف": حدثنا أبو أسامة، عن عوف، عن محمد بن سيرين قال: يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما.
وأخرج نعيم بن حماد، عن الزهري قال: «يُستخرج المهدي كارها من مكة، مِن وَلَدِ فاطمة فيُبايع».
وأخرج نعيم أيضًا، عن مَطَرٍ الورّاق قال: «لا يخرج المهدي حتى يُكْفَرَ بالله جَهْرَةً».
وأخرج نعيم أيضًا، عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: يبايع المهدي بين الركن والمقام».
وأخرج نعيم بن حماد، عن كعب بن علقمة، عن قتادة قال: «المهدي خير النَّاسِ، أهل نُصرته وبيعته من أهل الكوفة واليمن وأبدال الشام، مقدمته جبريل، وساقته ميكائيل، محبوب في الخلائق، يطفئ الله تعالى به الفتنة العمياء، وتأمن الأرض حتى أنَّ المرأة لتحجُّ في خمس نسوة ما معهنَّ رجلٌ لا تتقي شيئًا إلَّا الله ، تعطي الأرض زكاتها والسماء بركتها».
وأخرج نعيم بن حماد عن الحسن البصري رضي الله عنه قال: «يخرج بالرِّي رجلٌ رَبِّعَةٌ أَسْمَر ، مولى لبني تميم، كَوْسَجٌ، يقال له شعيب بن صالح في أربعة آلاف، ثيابهم بيضٌ وراياتهم سواد، يكون على مقدمه المهدي، لا يلقاه أحد إلى فله».
وأخرج نعيم أيضًا، عن مطر الورّاق أنه ذكر عنده عمر بن عبدالعزيز فقال: «بلغنا أنَّ المهدي يصنع شيئًا لم يصنعه عمر بن عبدالعزيز، قيل: ما هو؟ قال: يأتيه رجل فيسأله فيقول: ادخل بيت المال فخذ، فيدخل فيأخذ فيخرج فيرى الناس شباعًا فيندم فيرجع إليه فيقول: خذ ما أعطيتني فيأبى ويقول : إنَّا نُعطي ولا نأخذ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن حكيم بن سعد قال: «لما قدم سليمان فأظهر ما أظهر، قلت لأبي يحيى : هذا المهدي الذي يذكر ؟، قال : لا».
وأخرج أبو نعيم في "الحلية" عن إبراهيم بن ميسرة قال: «قلت لطاوس: عمر بن عبدالعزيز هو المهدي؟»، قال: هو مهدي وليس به، إنه لم يستكمل العدل كله».
وخرج ابن عساكر في "التاريخ"، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال: يزعمون أنّي أنا المهدي، وإنّي إلى أجلي أدنى مني إلى ما يدعون».
وأخرج الحافظ أبو عمرو الداني في "سننه" من طريق الحكم بن عتيبة قال: قلت لمحمد بن علي عليهما السَّلام: سمعنا أنه سيخرج منكم رجلٌ يَعْدِل في هذه الأمة ! قال عليه السَّلام: «إِنَّا نرجو ما يرجو النَّاس، وإنَّا نرجو لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يكون ما ترجوه هذه الأمة، وقبل ذلك فتنةٌ شر فتنة، يمسي الرجل مؤمنًا ويصبح كافرًا، ويصبح مؤمنًا ويمسي كافرا».
وأخرج نعيم بن حماد، عن جعفر بن سيار الشامي قال: «يَبْلُغُ مِن ردّ المهدي المظالم حتى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتى يردّه».
وأخرج نعيم بن حماد، عن خالد بن سمير قال: «هرب موسى بن طلحة بن عبيد الله من المختار إلى البصرة مع وجوه أهل الكوفة، وكان الناس يرون في زمانه أنه المهدي.
وهذا الأثر وأثر محمد بن علي عليهما السّلام يدلان على أنَّ المهدي كان أمره مشهورًا في الصدر الأول شهرة كبيرة.
وقال ابن سعد في "الطبقات" : نا الواقدي قال : سمعت مالك بن أنس - رضي الله عنه - يقول: خرج محمد بن عجلان مع محمد بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام- حين خرج بالمدينة، فلما قتل محمد بن عبدالله وولي جعفر بن سليمان على المدينة، بعث إلى محمد بن عجلان، فأتي به، فبكته وكلَّمه كلاما شديدًا وقال: خرجت مع الكذاب! فلم يتكلم : محمد بن عجلان بكلمة إلا أنه يحرّك شفتيه بشيء لا يدري ما هو، فيظن أنه يدعو، فقام من حضر جعفر بن سليمان من فقهاء المدينة وأشرافها فقالوا: أصلح الله الأمير محمد بن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدها، وإنما شبه عليه وظن أنه المهدي الذي جاءت فيه الرواية، فلم يزالوا يطلبون إليه حتى تركه، فولی محمد بن عجلان منصرفًا ولم يتكلم بكلمة.
وبقيت آثار عن جماعة من الصحابة والتابعين وأتباعهم رأينا أن نتركها استغناء عنها بما ذكرنا، ونذكر بدلها مسائل متممة لمبحث المهدي.